الثلاث فيفرق بينهن، وإما أن تؤخر القرينة الوسطى، فلم يحسن الأوّل، لما فيه من تبتير النظم بالجمع بين القرائن. وأما الثاني: فلما فيه من نقص الترتيب؛ وهو التحسر على التفريط في الطاعة، ثم التعلل بفقد الهداية، تم تمني الرجعة، فكان الصواب ما جاء عليه؛ وهو أنه حكى أقوال النفس على ترتيبها ونظمها، ثم أجاب من بينها عما اقتضى الجواب. فإن قلت: كيف صح أن تقع {بَلَى} جوابًا لغير منفي؟ قلت:{لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدانِي} فيه معنى: ما هديت.
{كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ} وصفوه بما لا يجوز عليه تعالى، وهو متعال عنه، فأضافوا إليه الولد والشريك، وقالوا:{هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا}[يونس: ١٨]، وقالوا:{لَوْ شاءَ الرَّحْمنُ ما عَبَدْناهُمْ}[الزخرف: ٢٠]، وقالوا:{وَاللَّهُ أَمَرَنا بِها}[الأعراف: ٢٨]، ولا يبعد عنهم قوم يسفهونه بفعل القبائح، وتجويز أن يخلق خلقًا لا لغرض، ويؤلم لا لعوض،
وقوله:"ويجوزون الألم لا لعوض"؛ فما يقول في إيلام البهائم والأطفال، وليس بسبب سابق، ولا في البهائم لثواب لاحق.
وأما الرؤية التي دل عليها قوله صلى الله عليه وسلم الصادق المصدوق:"إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر لا تضامون في رؤيته"؛ فنص لا يقبل التأويل بالتهاويل، والتستر بالبكلفة ستر لا تستر، وليس كالتهتك بالباطل الذي اعتمده، وتعريضه بأنهم أثبتوا قدمًا لكونهم أثبتوا لله صفات الكمال، كلا والله ما جعل له أندادًا إلا القدرية الذين جعلوا نفوسهم يخلقون ما يريدون على خلاف مراد ربهم، حتى شاء الله ما لم يكن، وكان ما لم يشأ، فمن أثبت من صفات الله ما شهد به كتابه وسنة رسوله، فلا طعن عليه، ولو كره المبطلون.
وأما إثبات القدم واليد والجنب ففرية، ولم يقل بهذا أحد من أهل السنة، وإنما أثبت