للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْماءً سَمَّيْتُمُوها) [يوسف: ٤٠]، وهذا الاحتجاج وأساليبه العجيبة التي ورد عليها .......

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (وهذا الاحتجاج وأساليبه العجيبة)، أي: هذا الاحتجاج مبني على فنون من علم البيان:

أولها: قوله: (أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ) كمن هو ليس كذلك؟ ! احتجاج عليهم وتوبيخهم على القياس الفاسد لفقدان الجهة الجامعة.

وثانيها: قوله: (وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ) من وضع المظهر موضع المضمر للتنبيه على أنهم جعلوا شركاء لمن هو فرد واحد لا يشاركه أحد في اسمه، كقوله تعالى: (هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً) [مريم: ٦٥].

وثالثها: قوله: (قُلْ سَمُّوهُمْ)، أي: عينوا أساميهم، وقولوا: فلان وفلان، فهو إنكار لوجودها على وجه برهاني، كما تقول: إن كان الذي تدعيه موجوداً فسمه، لأن المراد بالاسم العلم الذي علق على الشيء بعينه، فما لم يكن موجوداً لم يكن معيناً، فلا يعلق عليه اسم، لأنه ليس بشيء، وهو من أسلوب الكناية الإيمائية.

ورابعها: قوله: (أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لا يَعْلَمُ) احتجاج من باب نفي الشيء بنفي لازمه، وهو نوع من الكناية.

وخامسها: قوله تعالى: (أَمْ بِظَاهِرٍ مِنْ الْقَوْلِ) احتجاج من باب الاستدراج، والهمزة للتقرير ببعثهم على التفكر، يعني: أتقولون بأفواهكم من غير رؤية وأنتم ألباء، فتفكروا فيه لتقفوا على بطلانه.

وسادسها: التدرج في كل من الإضرابات على ألطف وجه.

وحين كانت الآية مشتملة على هذه الأساليب البديعة مع اختصارها على أبلغ ما يكون، قال: "وهذا الاحتجاج مناد على نفسه أنه ليس من كلام البشر"، وهو كلام عالي

<<  <  ج: ص:  >  >>