وتمثيله: أفمن هو بهذه الصفةلم يوحدوه (وَجَعَلُوا) له - وهو الله الذي يستحق العبادة وحده (شُرَكاءَ)؟ ! (قُلْ سَمُّوهُمْ) أي: جعلتم له شركاء فسموهم له من هم ونبئوه بأسمائهم، ثم قال:(أَمْ تُنَبِّئُونَهُ) على "أم" المنقطعة، كقولك للرجل: قل لي من زيد؟ أم هو أقل من أن يعرف، ومعناه: بل أتنبؤونه بشركاء لا يعلمهم في الأرض وهو العالم بما في السموات والأرض، فإذا لم يعلمهم علم أنهم ليسوا بشيء يتعلق به العلم، والمراد نفى أن يكون له شركاء. ونحوه:(قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِما لا يَعْلَمُ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ)[يونس: ١٨]. (أَمْ بِظاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ) بل أتسمونهم شركاء بظاهر من القول من غير أن يكون لذلك حقيقة، كقوله (ذلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْواهِهِمْ)[التوبة: ٣٠]،
(وَجَعَلُوا) عليه، ليكون من عطف الخبر على الخبر، وعلى هذا (لِلهِ) مظهر وضع موضع الراجع إلى المبتدأ.
قوله:(وتمثيله)، أي: وتقدير هذا الوجه.
قوله:(كقولك للرجل)، أي: لمن يقول بفضل زيد واشتهاره بين الناس ومكانته عندهم، وأنت تريد نقصه وحطه من منزلته: من زيد؟ وهو عندك مشهور، أي: لا أعرفه عرفنيه، ثم تضرب عن هذا السؤال بقولك: أم هو أقل، يعني: هو أقل من أن يسأل عنه أنه من هو؟ فضلاً عن أن يسأل عن فضله وشهرته.
كذا جعلهم لله شركاء يبعث القائل على أن يقول لهم: سموهم، أي: إن صدقتم أنهم شركاء لله تعالى، فأثبتوا لها أسامي تدل على وجودها، ثم أضرب عن قوله:(سَمُّوهُمْ)، يعني: جعلهم لله شركاء إنباء لله عز وجل بوجود شركاء، ومثل هذه المنبأ به لا وجود لها حتى يعلق بها ما يتناوله من الاسم، ثم أضرب عن هذا القول بقوله:(أَمْ بِظَاهِرٍ مِنْ الْقَوْلِ)، بمعنى: هب أنهم لشدة شكيمتهم سموهم شركاء، فهذه التسمية عندهم قول لا حقيقة لها، (إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ)[النجم: ٢٣].