(أَفَمَنْ هُوَ قائِمٌ) احتجاج عليهم في إشراكهم بالله، يعنى أفا الله الذي هو قائم رقيب (عَلى كُلِّ نَفْسٍ) صالحة أو طالحةٍ (بِما كَسَبَتْ) يعلم خيره وشره، ويعدّ لكل جزاءه، كمن ليس كذلك. ويجوز أن يقدّر ما يقع خبراً للمبتدأ ويعطف عليه (وجعلوا)،
أما الوعيد والتسلية فظاهران، وأما الجواب: فإن أبا جهل حين قال: "سير بقرآنك الجبال، وسخر لنا الريح"، ولم يكن السؤال إلا اقتراحاً واستهزاء؛ لم يلتفت إليه، وقيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم:(وَلَقَدْ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ) تعريضاً على منوال قوله: (وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ* بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ)[التكوير: ٨ - ٩].
قوله:(أفالله الذي هو قائم)، هذا التأويل يؤذن أن قوله تعالى:(أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ) معطوف على كلام سابق، والهمزة مقحمة بينهما لمزيد الإنكار، والذي يصلح أن يكون معطوفاً عليه هو قوله:(هُوَ رَبِّي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ)[الرعد: ٣٠]، المعنى:"هو ربي الواحد المتعالي عن الشركاء، عليه توكلت في نصرتي عليكم وإليه متابي، فيثيبني على مصابرتكم ومجاهدتكم"، أفالله الذي هو كذلك كمن هو ليس كذلك، لأن المعطوف عليه أيضاً متضمن لمعنى الرد والإنكار على الشرك، لأنه جواب عن قوله:(وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ)[الرعد: ٣٠]، أي: يشركون به.
قوله:(ويجوز أن يقدر ما يقع خبراً للمبتدأ، ويعطف عليه (وَجَعَلُوا))، يعني: قوله: (أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ) لابد له من خبر؛ إما أن يقدر الخبر ما تتم به جملة، ويعطف (وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ) على الجملة برأسها، أو أن يقدر الخبر ما يصح أن يعطف