للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن بدع التفاسير أن قوله (إِنْ شاءَ اللَّهُ) من باب التقديم والتأخير، وأن موضعها ما بعد قوله (سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي) في كلام يعقوب، وما أدري ما أقول فيه وفي نظائره!

فإن قلت: كيف جاز لهم أن يسجدوا لغير الله؟ قلت: كانت السجدة عندهم جارية مجرى التحية والتكرمة، كالقيام، والمصافحة وتقبيل اليد ونحوها مما جرت عليه عادة الناس، من أفعال شهرت في التعظيم والتوقير. وقيل: ما كانت إلا انحناء دون تعفير الجباه، وخرورهم سجداً يأباه. وقيل: معناه وخرّوا لأجل يوسف سجداً لله شكراً. وهذا أيضاً فيه نبوة.

يقال: أحسن إليه وبه، وكذلك أساء إليه وبه. قال:

أَسِيئِى بِنَا أَوْ أَحْسِنِى لَا مَلُومَةً

(مِنَ الْبَدْوِ) من البادية، لأنهم كانوا أهل عمد وأصحاب مواش ينتقلون في المياه والمناجع (نَزَغَ) أفسد بيننا وأغرى، وأصله من نخس الرائض الدابة وحمله على الجري. يقال، نزغه ونسغه، إذا نخسه.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وقلت: ولا ارتياب أن هذا الاستثناء في أثناء الكلام كالتسمية في الشروع فيه للتيمن والتبرك، قال تعالى: (وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً* إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ) [الكهف: ٢٣ - ٢٤]، واستعماله مع الجزاء كالشريعة المنسوخة، فحسن موقعه في الكلام أن يكون معترضاً.

قوله: (وهذا أيضاً فيه نبوة)، لأن السجدة كانت تكرمة؛ لقوله: (إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ) [يوسف: ٤].

قوله: (أهل عمد)، الأساس: "يقال لأصحاب الأخبية هم: أهل عمود، وأهل عماد، وأهل عمد". والنجعة: طلب الكلأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>