للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن قلت: ما معنى دخولهم عليه قبل دخولهم مصر؟ قلت: كأنه حين استقبلهم نزل لهم في مضرب أو بيتٍ ثم، فدخلوا عليه وضمّ إليه أبويه، ثم قال لهم (ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ) ولما دخل مصر وجلس في مجلسه مستوياً على سريره واجتمعوا إليه، أكرم أبويه فرفعهما على السرير (وَخَرُّوا لَهُ) يعني: الإخوة الأحد عشر والأبوين (سُجَّداً) ويجوز أن يكون قد خرج في قبةٍ من قباب الملوك التي تحمل على البغال، فأمر أن يرفع إليه أبواه، فدخلا عليه القبة، فآواهما إليه بالضم والاعتناق وقرّبهما منه، وقال بعد ذلك: ادخلوا مصر.

فإن قلت: بم تعلقت المشيئة؟ قلت: بالدخول مكيفاً بالأمن، لأن القصد إلى اتصافهم بالأمن في دخولهم، فكأنه قيل لهم: اسلموا وأمنوا في دخولكم إن شاء الله. ونظيره قولك للغازى: ارجع سالماً غانماً إن شاء الله. فلا تعلق المشيئة بالرجوع مطلقاً، ولكن مقيداً بالسلامة والغنيمة، مكيفاً بهما. والتقدير: ادخلوا مصر آمنين إن شاء الله دخلتم آمنين، ثم حذف الجزاء لدلالة الكلام عليه، ثم اعترض بالجملة الجزائية بين الحال وذي الحال.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (كأنه قيل [لهم]: اسلموا وائمنوا في دخولكم)، يعني: في التركيب معنى الدعاء، ولذلك أتى بهما على لفظ الأمر.

قوله: (ثم اعترض بالجملة الجزائية- أي: الشرطية- بين الحال وعامله)، قال صاحب "الفرائد": التقدير: ادخلوا مصر إن شاء الله دخلتم آمنين، فـ (آَمِنِينَ) متعلق بالجزاء المحذوف، فعلى هذا لا يفتقر إلى التقديم والتأخير، وإلى أن تجعل الجزائية معترضة بين الحال وذي الحال.

<<  <  ج: ص:  >  >>