ومعنى (ما كانَ): ما صح له وما استقام، وكان هذا يوم بدر، فلما كثر المسلمون نزل (فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً)[محمد: ٤].
وروى: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، أتى بسبعين أسيراً فيهم العباس عمه، وعقيل بن أبى طالب، فاستشار أبا بكر فيهم فقال: قومك وأهلك، استبقهم، لعلّ الله أن يتوب عليهم، وخذ منهم فدية تقوى بها أصحابك، وقال عمر: كذبوك وأخرجوك فقدّمهم واضرب أعناقهم، فإنّ هؤلاء أئمة الكفر، وإن الله أغناك عن الفداء: مكن علياً من عقيل، وحمزة من العباس، ومكني من فلان لنسيب له، فلنضرب أعناقهم.
فقال عليه السلام:" إنّ الله ليلين قلوب رجال حتى تكون ألين من اللبن، وإن الله ليشدّد قلوب رجال حتى تكون أشدّ من الحجارة، وإنّ مثلك يا أبا بكر مثل إبراهيم؛ قال:(فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)[إبراهيم: ٣٦]، ومثلك يا عمر مثل نوح؛ قال:(رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً)[نوح: ٢٦]، ثم قال لأصحابه: أنتم اليوم عالة فلا يفلتن أحد منكم إلا بفداء أو ضرب عنق".
قوله:(أتي بسبعين أسيراً فيهم العباس) الحديث: مخرج في "مسند أحمد بن حنبل" عن ابن مسعود إلى قوله: "إلا بفداء أو ضرب عنق" مع اختلاف فيه. ومن قوله:"فإذا هو وأبو بكر يبكيان" إلى قوله: "لشجرة قريبة منه": رواه مسلم والترمذي عن ابن عباس.
قال القاضي:"الآية دليل على أن الأنبياء مجتهدون، وأنه قد يكون خطأ، ولكن لا يقرون عليه".