وقرئ:"للنبيَّ"، على التعريف، و"أسارى"، و"يثخن"بالتشديد، ومعنى الإثخان: كثرة القتل والمبالغة فيه، من قولهم: أثخنته الجراحات: إذا أثبتته حتى تثقل عليه الحركة، وأثخنه المرض: إذا أثقله؛ من الثخانة التي هي الغلظ والكثافة، يعنى: حتى يذل الكفر ويضعفه بإشاعة القتل في أهله، ويعز الإسلام ويقويه بالاستيلاء والقهر، ثم الأسر بعد ذلك.
فربما يُقاومونهم على هذه الزيادة، ومن ثم قيل: الجيش العرمرم أربعة آلاف، فلا يُغلب من أجل القلة وكثرة العدو، ورُوي في الحديث:"خير الجيوش أربعة آلاف"، لكن حال المسلمين بخلاف ذلك، كما أشار إليه بقوله:"للدلالة على أن الحال مع القلة والكثرة واحدة".
قوله: (قرئ: "للنبي" … ، و"أسارى"، و"يُثخن" بالتشديد): وهو في الشواذ. قال الزجاج:"قرئ: أسرى وأسارى، فمن قرأ: أسرى، فهو جمع أسير؛ وفعلى فعيل: جمع لكل من أصيب في بدنه وفي عقله، يقال: مريض ومرضى، وأحمق وحمقى، ومن قرأ: أسارى فهو جمع الجمع، يقال: أسير وأسرى وأسارى"، والفتح هو الأصل.
قوله:(ثم الأسر بعد ذلك): تفسير لمعنى الغاية في قوله تعالى: (حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ) يعني: لا يجوز الأسر إلا بعد إذلال الكفرة بالقتل، وإعزاز أهل الإسلام بالغلبة والقهر.