للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[(يأيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ* ألن خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ) ٦٥ - ٦٦]

التحريض: المبالغة في الحث على الأمر، من الحرض، وهو أن ينهكه المرض ويتبالغ فيه، حتى يشفى على الموت، أو أن تسميه حرضاً، وتقول له: ما أراك إلا حرضاً في هذا الأمر وممرضاً فيه؛ ليهيجه ويحرّك منه. ويقال: حركه وحرضه وحرشه وحربه؛ بمعنى.

وقرئ: " حرص" بالصاد غير المعجمة، حكاها الأخفش؛ من الحرص. وهذه عدة من الله وبشارة بأن الجماعة من المؤمنين إن صبروا غلبوا عشرة أمثالهم من الكفار بعون الله تعالى وتأييده، ثم قال: (بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ) أي: بسبب أنَّ الكفار قوم جهلة يقاتلون على غير احتساب وطلب ثواب كالبهائم، فيقل ثباتهم ويعدمون- لجهلهم بالله- نصرته، ويستحقون خذلانه، .........

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (أو أن تسميه حرضاً): عطف على قوله: "المبالغة في الحث"، يريد: أن "حرضاً" له معنيان. الأساس: "نُهِكَ فلان مرضاً حتى أصبح حرضاً، أي: أشفى على الهلاك، وحرضه على الأمر، وفيه تحريض"، فإذا حُمل على المعنى الأول فمعناه: يا أيها النبي حث المؤمنين على القتال، أي: بالغ في الأمر بالقتال، وإذا حُمل على الثاني فمعناه: سمهم حرضاً، كما يُقال: فسقته، أي: سميته فاسقاً، وهذا من باب التهييج والإلهاب، ولهذا قال: "ليهيجه ويُحرك منه".

قوله: (ويستحقون خذلانه)، وقوله: "ومعه ما يستوجب به النصر": بناء على مذهبه، فإن عندهم الوجوب عقلي، وفعل العبد مؤثر، وعندنا: الوجوب بسبب الوعد؛ تفضلاً منه تعالى، لقوله: (وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) [الروم: ٤٧].

<<  <  ج: ص:  >  >>