للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عاهدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا يمالئوا عليه، فنكثوا بأن أعانوا مشركي مكة بالسلاح، وقالوا: نسينا وأخطأنا، ثم عاهدهم فنكثوا ومالوا معهم يوم الخندق، وانطلق كعب بن الأشرف إلى مكة فحالفهم.

(الَّذِينَ عاهَدْتَ مِنْهُمْ) بدل من (الذين كفروا)، أي: الذين عاهدتهم من الذين كفروا، جعلهم شر الدواب؛ لأن شر الناس الكفار، وشر الكفار المصرون منهم، وشر المصرين الناكثون للعهود.

(وَهُمْ لا يَتَّقُونَ): لا يخافون عاقبة الغدر، ولا يبالون ما فيه من العار والنار.

(فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ): فإما تصادفنهم وتظفرنّ بهم (فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ): ففرق عن محاربتك ومناصبتك؛ بقتلهم شر قتلة والنكاية فيهم، من وراءهم من الكفرة، حتى لا يجسر عليك بعدهم أحد، اعتباراً بهم واتعاظاً بحالهم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (لا يمالئوا): لا يساعدوا. النهاية: "الممالأة: المساعدة والمعاونة".

قوله: (لأن شر الناس الكفار): يعني: أبدل (الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنقُضُونَ) من (الَّذِينَ كَفَرُوا)، وهم الذين أصروا على الكفر، ولجوا فيه، بعد أن جعلهم شر الدواب؛ ليدل على أن شر الناس الكفار إلى آخره، لما عرفت في إبدال (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) [الفاتحة: ٧]، من (الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) [الفاتحة: ٦]، معنى البدل.

ثم في عطف (يَنقُضُونَ) وهو مضارع، على (عَاهَدْتَ) وهو ماضٍ: الدلالة على استمرار النقض، ولذلك قال: "فنكثوا، ثم عاهدهم فنكثوا".

قوله: ((فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ): فإما تصادفنهم وتظفرن بهم)، الأساس: "طلبناه فثقفناه في مكان كذا، أي: أدركناه". الجوهري: "ثقفة ثقفاً، أي: صادفته".

<<  <  ج: ص:  >  >>