للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقرأ ابن مسعود: "فشرذ"، بالذال المعجمة، بمعنى: ففرق، وكأنه مقلوب "شذر"، من قولهم: "ذهبوا شذر مذر، ومنه: الشذر: المتلقط من المعدن؛ لتفرّقه. وقرأ أبو حيوة: من "خلفهم ومعناه: فافعل التشريد من ورائهم، لأنه إذا شرد الذين وراءهم فقد فعل التشريد في الوراء، وأوقعه فيه؛ لأنًّ الوراء جهة المشردين، فإذا جعل الوراء ظرفاً للتشريد فقد دلّ على تشريد من فيه، فلم يبق فرق بين القراءتين.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قلت: والظاهر أن الفاء في قوله: (فَشَرِّدْ بِهِمْ) فاء فصيحة تقتضي محذوفاً هو سبب التشريد، كما قدر "فإما تُصادفنهم وتظفرن بهم فشَرِّد بهم"، فالتشريد مسبب عن الظفر بهم لا الإدراك فقط. ولا يبعد أن تُجعل الفاء في قوله: (الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) منها، ويجوز أن يكون قوله: "وتظفرن بهم" عطفاً تفسيرياً على "تُصادفن كما في قوله: "فإما تثقفوني فاقتلوني فيكون قوله: (فَشَرِّدْ بِهِمْ) جزاء للشرط فقط.

قوله: (ذهبوا شذر مذر)، الجوهري: "تفرقوا شذر مذر: إذا ذهبوا في كل وجه قال ابن جني: "قرأ الأعمش: "شرذ" بالذال المعجمة، ولم يمر بنا في اللغة تركيب (ش ر ذ)، والأوجه أن تكون الذال بدلاً من الدال، والجامع بينهما أنهما مجهوران ومتقاربان". وقال أبو البقاء: "نحو: خراديل وخراذيل، وقيل: هو مقلوب من "شذر" بمعنى: فرق، وكل ذلك تعسف بعيد".

قوله: (فافعل التشريد من ورائهم): يعني: أُجري المتعدي مجرى اللازم، ثم عُدي تعديته، كقوله:

. يجرح في عراقيبها نصلي

<<  <  ج: ص:  >  >>