للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(رَبَّنا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ (١٩٢) رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً يُنادِي لِلْإِيمانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئاتِنا وَتَوَفَّنا مَعَ الْأَبْرارِ (١٩٣) رَبَّنا وَآتِنا ما وَعَدْتَنا عَلى رُسُلِكَ وَلا تُخْزِنا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ) ١٩٢ ـ ١٩٤].

(فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ) فقد أبلغت في إخزائه. وهو نظير قوله (فَقَدْ فَازَ) [آل عمرن: ١٨٥]، ونحوه في كلامِهم: مَن أدرَك مَرعى الصَّمّان فقد أدْرَك، ومن سَبَقَ فلانًا فقد سَبَق.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (فقد أبلغت في إخزائه)، الراغب: خزي الرجل: لحقه انكسار إما من نفسه أو من غيره، فالأول هو الحياء المفرط، ومصدره: الخزاية، ورجل خزيان وامرأة خزياء، وجمعه: خزايا، وفي الحديث: "اللهم احشرنا غير خزايا ولا نادمين".

والثاني: يقال: هو ضرب من الاستخفاف، ومصدره الخزي، ورجل خز، قال تعالى: (ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنيَا) [المائدة: ٣٣]. وأخزى: يقال منهما، وقوله تعالى: (رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلْ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ) يحتملهما.

قوله: (وهو نظير قوله: (فَقَدْ فَازَ)) يعني في الإطلاق، وأن الجزاء والشرط متحدان معنى.

قال ابن الحاجب في "الأمالي" في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ) [المائدة: ٦٧] وضع قوله: (فَمَا بَلَّغْتَ) في موضع أمر عظيم، أي: فإن لم تفعل فقد ارتكبت أمراً عظيماً، ونحوه قولك: إذا جئت إلي فقد جئت إلى حاتم، أي: إلى رجل كريم.

قوله: (من أدرك مرعى الصمان فقد أدرك) أي: أدرك مرعى ليس بعده مرعى، الصمان: جبل.

<<  <  ج: ص:  >  >>