(فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ) فقد أبلغت في إخزائه. وهو نظير قوله (فَقَدْ فَازَ)[آل عمرن: ١٨٥]، ونحوه في كلامِهم: مَن أدرَك مَرعى الصَّمّان فقد أدْرَك، ومن سَبَقَ فلانًا فقد سَبَق.
قوله:(فقد أبلغت في إخزائه)، الراغب: خزي الرجل: لحقه انكسار إما من نفسه أو من غيره، فالأول هو الحياء المفرط، ومصدره: الخزاية، ورجل خزيان وامرأة خزياء، وجمعه: خزايا، وفي الحديث:"اللهم احشرنا غير خزايا ولا نادمين".
والثاني: يقال: هو ضرب من الاستخفاف، ومصدره الخزي، ورجل خز، قال تعالى:(ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنيَا)[المائدة: ٣٣]. وأخزى: يقال منهما، وقوله تعالى:(رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلْ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ) يحتملهما.
قوله:(وهو نظير قوله: (فَقَدْ فَازَ)) يعني في الإطلاق، وأن الجزاء والشرط متحدان معنى.
قال ابن الحاجب في "الأمالي" في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ)[المائدة: ٦٧] وضع قوله: (فَمَا بَلَّغْتَ) في موضع أمر عظيم، أي: فإن لم تفعل فقد ارتكبت أمراً عظيماً، ونحوه قولك: إذا جئت إلي فقد جئت إلى حاتم، أي: إلى رجل كريم.
قوله:(من أدرك مرعى الصمان فقد أدرك) أي: أدرك مرعى ليس بعده مرعى، الصمان: جبل.