للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَما لِلظَّالِمِينَ) اللامُ إشارةٌ إلى من يُدخَلُ النار، وإعلامٌ بأنّ مَنْ يُدخلُ النارَ فلا ناصر له بشفاعة ولا غيرها. تقول: سمعتُ رجلًا يقولُ كذا، وسمعتُ زيداً يتكلّم، فتُوقعُ الفعلَ على الرّجل وتَحذِفُ المسموع؛ لأنك وصفْتَه بما يُسْمَع، أو جعلْتَه حالًا عنه فأغناك عن ذِكْرِه، ولولا الوصفُ أو الحالُ لم يكنْ منه بدٌّ، وأن يُقال سمعتُ كلامَ فلانٍ أو قولَه. فإن قلتَ: فأيُّ فائدةٍ في الجمْع بينَ المنادِى وينادي؟ قلتُ: ذُكِرَ النداءُ مُطلقاً ثم مقيَّداً بالإيمان تفخيمًا لشأنِ المنادي؛ لأنه لا منادي أعظمُ من منادٍ يُنادي للإيمان، ونحوُه قولك: مررتُ بهادٍ يَهدي للإسلام، وذلكَ أنّ المنادي إذا أُطلِقَ ذَهَبَ الوهْم إلى منادٍ للحربِ، أو لإطفاءِ النائرةِ، أو لإغاثةِ المكروبِ، أو لكفايةِ بعضِ النوازلِ، أو لبعضِ المنافع، وكذلك الهادي قد يُطلَقُ على مَنْ يَهْدي للطريقِ ويَهْدي لسدادِ الرّأيِ وغيرِ ذلك، فإذا قلتَ: ينادى للإيمانِ، ويهدى للإسلامِ، فقد رَفَعْتَ من شأنِ المُنادى والهادي وفخمته

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (فلا ناصر له بشفاعة ولا غيرها)، قال القاضي: لا يلزم من نفي النصرة نفي الشفاعة؛ لأن النصرة: دفع بقهر.

قوله: (وأن يقال: سمعت) عطف على المضمر المجرور في "لم يكن منه بد"، والجار في التقدير معاد، لأن حذف الجار مع أن وأنَّ قياس شائع، أي: ولولا الوصف أو الحال لم يكن بد من أن يقال: سمعت كلام فلان.

قوله: (لأنه لا منادي أعظم): بيان أن المقام مقام التفخيم، وقوله: "وذلك": إشارة إلى كيفية حصول التفخيم وتحقيق حصوله.

قوله: (النائرة)، المغرب: يقال: بينهم نائرة، أي: عداوة وشحناء، وإطفاء النائرة عبارة عن تسكين الفتنة، وهي فاعلة، من "النار".

<<  <  ج: ص:  >  >>