للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

روينا عن الترمذي، عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر، وبيدي لواء الحمد ولا فخر، وما من نبي يومئذ آدم فمن سواه إلا تحت لوائي" الحديث.

قلت: الوجه ما قال صاحب "الجامع" أن قوله: "أنا سيد ولد آدم" إنما هو إخبار عما أكرمه الله تعالى به من الفضل والسؤدد، وتحدث بنعمة الله عنده، وإعلام لأمته بذلك ليكون إيمانهم به على حسب ذلك، وأما قوله صلى الله عليه وسلم في يونس عليه السلام فيحمل على سبيل الهضم وإظهار التواضع لربه، أي: لا ينبغي لي أن أقول: أنا خير منه؛ لأن الفضيلة التي نلتها كرامة من الله تعالى وخصوصية منه لم أنلها من قبل نفسي، ولا بلغتها بقوتي، فليس لي أن أفتخر بها، وإنما يجب علي الشكر عليها، وإنما خص يونس بالذكر لما قصه الله من قلة صبره على أذى قومه، فخرج مغاضباً ولم يصبر كما صبر أولو العزم من الرسل.

وقلت: وعلم من ذلك أن قوله صلى الله عليه وسلم: "من قال: أنا خير من يونس بن متى فقد كذب"، معناه: تعصباً، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: "لا تخايروا بين الأنبياء"، رواه أبو داود عن أبي سعيد. والأوجه أن تحمل المخايرة على معنى الرسالة والنبوة، لقوله تعالى: (لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ) [البقرة: ٢٨٥]، وأما قوله: "فإنه كان يرفع له في يوم مثل عمل أهل الأرض"، فلم أجده في الأصول.

<<  <  ج: ص:  >  >>