للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كما أذقْتمُ المسْلمين الغُصَص. يقالُ للمُنتقَمِ منه: أُحْسُ، وذُقْ. وقالَ أبو سفيانَ لحمزةَ رضيَ اللَّهُ عنه: ذُقْ عُقَقُ. وقرأَ حمزةُ: (سيُكتَبُ)، بالياءِ على البناءِ للمفعول، (ويقول) بالياء. وقرأَ الحسَنُ والأعْرج: سيكتُبُ بالياءِ وتسميةِ الفاعل. وقرأ ابن مسعود: ويقال ذوقوا (ذلِكَ): إشارة إلى ما تقدّمَ من عِقابِهم وذَكَرَ الأيدي؛ لأنّ أكثرَ الأعمالِ تُزاوَلُ بهنّ، فجعَلَ كلَّ عملٍ كالواقعِ بالأيدي على سبيلِ التغليب فإنْ قلتَ: فلِمَ عُطِفَ قولُه: (وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) على (ما قدّمت أيديكم)؟ وكيف جُعل كونُه غيرَ ظلامٍ للعبيد شريكًا لاجتراحِهم السيِّئاتِ في استحقاقِ التعذيب؟ قلتُ: معنى كونِه غيرَ ظلامٍ للعبيد: أنه عادلٌ عليهم ومن العدلِ أن يُعاقِبَ المسيءَ منهم ويثيب المحسن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قال الزجاج: "ذوقوا" كلمة تقال للذي يؤيس من العفو، أي: ذق ما أنت فيه فلست بمتخلص منه.

وقال القاضي: الذوق: إدراك المطعوم، ويستعمل على الاتساع لإدراك سائر المحسوسات والحالات، وذكره ها هنا لأن العذاب مرتب على قولهم الناشئ عن البخل والتهالك على المال وغالب حاجة الإنسان إليه لتحصيل المطاعم، ومعظم بخله للخوف من فقدانه، ولذلك كثر ذكر الأكل مع المال.

وقلت: ناسب "ذق" في الاتساع للإدراك قوله: (بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ) في الاتساع في مزاولة الأعمال.

قوله: (ذق عقق) أي: ذق جزاء فعلك يا عاق، من: عق والده يعق عقوقاً.

قوله: (فلم عطف قوله؟ ) وجه السؤال أن الجهة الجامعة بين المعطوف والمعطوف عليه واجب، وهي في قوله: (ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ) مفقودة؛

<<  <  ج: ص:  >  >>