للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {ثُمَّ يُمِيتُكُمْ}؛ أي: في الدُّنيا (١) عند انقضاءِ آجالكم، {ثُمَّ يُحْيِيكُمْ} قيل (٢): أي: يومَ القيامة للحسابِ والجزاءِ على أعمالكم.

وقال السديُّ: {ثُمَّ يُحْيِيكُمْ} في القبور {ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} في الآخرة (٣)؛ فإنَّ (ثم) للتعقيب على سبيل التراخي، فدلَّ على أنَّه لم يُرِدْ به حياةَ البعث؛ فإنَّ الحياةَ يومئذٍ يُقارنها الرجوعُ إلى اللَّه تعالى بالحساب والجزاء، ويتَّصل (٤) به مِن غير تراخٍ.

ودلَّت الآيةُ على إثبات عذابِ القبر وراحةِ القبر، وفي القرآن آيات تدلُّ على ذلك.

حُكي عن إبراهيم بنِ جعفرٍ أنَّه قال: خَتمتُ القرآنَ سبعَ مئةِ (٥) مرَّةٍ مع تفكُّرٍ وتدبُّرٍ حتى استنبطتُ ثلاثَ آيات في إثبات ذلك:

أحدها: قوله: {وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} [البقرة: ٣٦] يعني: إلى الموت، ثم قال تعالى: {فِيهَا تَحْيَوْنَ} [الأعراف: ٢٥]؛ أي: في القبر؛ لأنَّه في الأرض، والحياةُ بعد الموت إنَّما تكون في القبر، {وَفِيهَا تَمُوتُونَ} بعد هذه الحياة في القبر، {وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ} [الأعراف: ٢٥]؛ أي: مِن القبر بالبعث.

والثانية: قوله تعالى: {قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ} وهذا خطاب الأحياء فيَنصرف ذلك إلى


(١) في (ف): "في هذه الدنيا".
(٢) "قيل": ليست في (ف).
(٣) رواه الطبري في "تفسيره" (١/ ٤٤٥)، عن السدي، عن أبي صالح.
(٤) في (ر) و (ف): "واتصل".
(٥) في (أ): "سبع مئة ألف".