للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وأمَّا تفسيرُه:

فقد قيل: هذا إخبارٌ عن اليهود أو المشركين أو المنافقين، أنَّهم قالوا: يُضِلُّ اللَّهُ بالمَثَل كثيرًا مِن الناس، ويَهدي اللَّهُ بالمَثَل كثيرًا مِن الناس.

وقيل: هو إخبارٌ مِن اللَّه تعالى، وكذا قال الإمام أبو منصورٍ رحمه اللَّه: هذا جواب لقولهم (١): {مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا}، قال: أراد أنْ يُضِلَّ به كثيرًا، ويهدي به كثيرًا؛ أضلَّ به مَن عَلم منه أنَّه يختار الضلالةَ، وهدى به مَن عَلم منه أنَّه يَختار الهدى؛ أراد مِن كلٍّ ما عَلم منه أنَّه يختاره (٢).

قال: والآيةُ تَنقض على المعتزلة قولَهم، فإنَّهم يقولون: أراد أنْ يهدي به كل الناس، ولكنْ ضلَّ بعضُهم واهتدى بعضُهم (٣).

وقيل: يُضلُّ به مَن استخفَّ بالمَثَل ولم يَعُدَّه حكمةً وهم الكافرون، ويهدي به مَن عَرف وجهَ حكمته (٤) وعَلم فائدته وهم المؤمنون.

والإضلالُ: خَلْقُ فعلِ الضلال، وهو في حقِّ مَن اختار الضلالة، وكابَرَ بعد ما عرفَ الدلالة، والهدايةُ: خلقُ فعلِ الاهتداء (٥) في حقِّ مَن اختار صفةَ الاهتداء.

والمعتزلةُ حملوا ذلك على تسميتهم ضالِّين وتسميتِهم مهتدين، واللغةُ لا تحتمِل ذلك، والدلائلُ السمعيَّةُ والعقليَّةُ تردُّ ذلك، وباللَّه العصمة.


(١) في (أ): "قولهم".
(٢) في "التأويلات": (أنه يختار ويؤثر).
(٣) انظر: "تأويلات أهل السنة" (١/ ٤٠٧)، وفيه: (. . أَراد أن يهدي به الكل، ولكنهم لم يهتدوا).
(٤) في (ر): "الحكمة".
(٥) في (ر): "الهداية".