للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا} هذا استفهامٌ بمعنى الإنكار، ومعناه: وأمَّا الذين أشركوا والذين هادوا فيقولون: أيُّ شيءٍ أراد اللَّهُ تعالى بالضَّرْب بالبعوض مثلًا؟ وأيُّ فائدةٍ في هذا؟ وهذا سَفَهٌ منهم.

وقال الزجَّاج في {مَاذَا}: يجوز أن يكون (ما) و (ذا) اسمًا واحدًا، ويكونَ موضعُهما نصبًا، ومعناه: أيُّ شيءٍ أراد اللَّهُ بهذا مثلًا؟ ويجوز أن يكون (ذا) بمعنى (الذي) فيكونَ المعنى: ما الذي أراد اللَّهُ بهذا مثلًا؟ وأيُّ شيءٍ الذي أراد اللَّهُ بهذا مثلًا؟ ويكون (ما) رفعًا بالابتداء، و (ذا) خبرَ الابتداء (١).

والإرادةُ: المشيئةُ، والرَّود: الطَّلَب، والمراودةُ: المطالبةُ، والارتيادُ: الطَّلب بتكلُّف (٢).

والإرادةُ صفةُ اللَّهِ تعالى أزليَّةٌ قائمةٌ بذاته، وَصَفَ بها نفسَه فقال: {فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} [هود: ١٠٧]، وقال اللَّه تعالى: {يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ} [البقرة: ٢٥٣].

وقوله تعالى: {يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا} فالكثيرُ خلافُ القليل، وعددٌ كاثرٌ؛ أي: كثيرٌ، قال الشاعر:

وإنَّما العِدَّةُ للكاثرِ (٣)

والمكاثرةُ: المغالبةُ بالكثرة، والمَكثور: المغلوبُ به.


(١) انظر: "معاني القرآن" للزجاج (١/ ١٠٥).
(٢) في (أ): "بالتكلف".
(٣) في هامش (ف): "ولستَ بالأكثر منهم حصى"، وكتب فوقها: "أوله".