للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

(ت ٢٠٤ هـ) الذي قال فيه سحنون (ت ٢٤٠ هـ): (ما كان أحد يناظر أشهب إلا اضطره بالحجة حتى يرجع إلى قوله، ولقد كان يأتينا في حلقة ابن القاسم (ت ١٩١ هـ) فيتكلم في أثول العلم ويفسر ويحتج، وابن القاسم ساكت ما يرد عليه حرفًا) (١).

ومن الفقهاء الذين اشتهروا بالمناظرة كذلك أبو العباس بن سريج (ت ٣٠٦ هـ) الذي كان يناظر أبا بكر محمد بن داود بن علي الظاهري (ت ٢٩٧ هـ) فلا يكادان ينقطعان عن المناظرة، وتناظرا ذات مرة فقال أبو بكر لأبي العباس، وقد أكثر عليه في السؤال: أبلعني ريقي، فقال ابن سريج: قد أبلعتك دجلة والفرات. فلما مات أبو بكر حزن له أبو العباس وجلس للتعزية وقال: ما آسى إلا على تراب أكل لسان محمد بن داود (٢). ومن الفقهاء المناظرين شمس الأئمة السرخسي (ت ٤٩٠ هـ) الذي وصف بأنه كان أنظر أهل زمانه، وناظر أقرانه حتى ظهر اسمه وشاع خبره (٣). وأبو بكر الباقلاني (ت ٤٠٣ هـ) الذي وُصف بأنه كان (عظيم الجدل)، وله مناظرات مشهورة، ومجالس محفوظة (٤). وأبو حامد الإسفراييني (ت ٤٠٦ هـ) الذي روي عنه أنه كان يقول: ما قمت من مجلس النظر قط فندمت على معنى ينبغي أن يذكر فلم أذكره! (٥). ومن المشهورين بالمناظرة سيف الدين الآمدي (٦٣١ هـ) الذي دخل مصر والشام وعقدت له المناظرات وحضرها الأكابر من كل مذهب، وقال فيه عز الدين بن عبد السلام (ت ٦٦٠ هـ): ما عرفنا قواعد البحث إلا من الشيخ سيف الدين (٦). وممن اشتهر بالمناظرة كذلك فخر الدين الرازي (ت ٦٠٦ هـ) الذي كان يُطوِّف الآفاق وتعقد له فيها مجالس المناظرة، وحكى عن نفسه أنه لما انتهى إلى بلاد ما وراء النهر دخل بخاري وسمر قند وغزنة


(١) انظر: ترتيب المدارك، القاضي عياض (١/ ٤٨١).
(٢) انظر: تاريخ بغداد، الخطيب البغدادي (٣/ ١٦٣)، حدائق الأزاهر، ابن عاصم (٥٤).
(٣) انظر: الجواهر المضية، ابن أبي الوفاء (٣/ ٧٨).
(٤) انظر: ترتيب المدارك، القاضي عياض (٤/ ١٣٥).
(٥) انظر: وفيات الأعيان، ابن خلكان (١/ ٧٣).
(٦) انظر: الوافي بالوفيات، الصفدي (٢١/ ٣٤١ - ٣٤٣).

<<  <   >  >>