للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ج - ما وري عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل عليها وعندها رجل, قالت: فكأنه تغير لونه, فقلت: يا رسول الله! إنه أخي من الرضاعة. فقال: "انظرن ما إخوانكن؛ إنما الرضاعة من المجاعة" (١).

د - ما روى عبدالرحمن بن القاسم عن أبيه: أن عائشة كانت تأمر بنت عبدالرحمن بن أبي بكر أن ترضع الصبيان, حتى يدخلوا عليها إذا صاروا رجالًا. (٢)

هـ - إن هذا منسوخ بنسخ التبني (٣)؛ لأن القصة جرت عقيب نزول الآية، والآية نزلت في أوائل الهجرة، والحكم الثاني رواه أحداث الصحابة وجماعة تأخر إسلامهم؛ نحو أبي هريرة، وابن عباس - رضي الله عنهم - وغيرهما، وهذا ظاهر في النسخ لا خفاء به. (٤)

وأجيب عنه: بأن النسخ دعوى لا حجة عليها؛ بسبب عدم إمكان إثبات التاريخ المعلوم التأخر بينه وبين تلك الأحاديث، ولو قلبت دعوى النسخ على مدَّعيها كانت نظير دعواهم.

وبأن أبا هريرة وابن عباس - رضي الله عنهم -لم يصرحا بسماعه من النبي - صلى الله عليه وسلم -، بل لم يسمع منه ابن عباس إلا دون العشرين حديثًا، وسائرها عن الصحابة - رضي الله عنهم - (٥).

وبأن عائشة نفسها روت هذا وهذا، فلو كان دليل أحد الوجهتين ناسخًا؛ لأخذت به عائشة، وتركت المنسوخ (٦)، لكنها أخذت بالعام والخاص فيمن شمله معنى التخصيص عندها.

وبأن هذا باطل بيقين؛ لأنه لا يحل لأحد أن يقول في نص ثابت: هذا منسوخ؛ إلا بنص ثابت مبين غير محتمل، فكيف وقول سهلة - رضي الله عنها - لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: كيف أرضعه وهو رجل كبير؟ بيان جلي؛ لأنه بعد نزول الآيات المذكورات، وباليقين؛ ندري


(١) متفق عليه، وقد تقدم تخريجه في الضابط الثامن من المبحث الثالث في التمهيد.
(٢) ينظر: الجصاص: المصدر السابق، (٥/ ٢٩٦ - ٢٧٠). ولم أجده مسندًا.
(٣) ينظر: ابن حزم المصدر السابق، (١٠/ ٢٩).
(٤) الحازمي: الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار (١/ ١٨٧).
(٥) ينظر: ابن القيم: المصدر السابق، (٥/ ٥٨٦، ٥٨٨).
(٦) ينظر: ابن القيم: المصدر السابق، (٥/ ٥٨٦ - ٥٨٧).

<<  <   >  >>