للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونقطع بأنه تعالى لم يكن ليبيح سر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ ينتهكه من لا يحل له، مع قوله تعالى: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [سورة المائدة: ٦٧]، فنحن نوقن ونبت بأن رضاع الكبير يقع به التحريم (١).

ونوقش بما يأتي: أ- إن سائر نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - قلن: لعل هذه الرخصة كانت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لسالم وحده (٢) , كما خص أبا بردة بن نيار بالجذعة, وأنها لا تجزئ عن أحد بعده (٣)، ولا يكون الإجزاء إلا من واجب؛ لأنه لو لم يكن واجباً لأجزأه الترك, وكانت الجذعة زيادة على الإجزاء، وإذا كان هذا لسالم خاصة، فالخاص لا يكون إلا مُخْرِجًا من حكم العام، وإذا كان مخرجًا من حكم العام فالخاص غير العام، وعند هذا يتعين حمل خبر أبي حذيفة على أنه خاص له دون الناس، كما قال سائر أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ إذ ليس هو عن مجاعة، ولا فاتقًا للأمعاء. (٤)

وأجيبه عنه: بأنه ليس في امتناع سائرهن من أن يدخل عليهن بهذه الرضاعة شيء ينكر؛ لأن مباحًا لهن أن لا يدخل عليهن من يحل له الدخول عليهن. (٥)

ب - إنما ذكر فيه ذهاب ما في وجه أبي حذيفة من الكراهة, ولم يذكر فيها التحريم؛ لأنها رأت في وجه أبي حذيفة كراهة من دخول سالم عليها. (٦)


(١) ينظر: ابن حزم: المصدر السابق، (١٠/ ٣٠).
(٢) تقدم تخريجه في الفرع الثاني من المطلب الثالث للمبحث الثاني من مباحث الفصل الأول، وفي المبحث الأول من مباحث الفصل الثالث. ينظر: الشافعي: المصدر السابق، (٦/ ٧٧ - ٧٩). ابن قدامة: المصدر السابق، (١١/ ٣١٩). شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (٢٤/ ٢٢٨). ابن القيم: المصدر السابق، (٥/ ٥٨٦). البهوتي: المصدر السابق، (١٣/ ٨٤).
(٣) ينظر: البخاري: المصدر السابق، (كتاب في العيد والتجمل فيه - باب الأكل يوم النحر - ٢/ ٥١)، برقم (٩٦٥)؛ من طريق عثمان، عن جرير، عن منصور، عن الشعبي، عن البراء بن عازب؛ به، ومن طرق أخرى. مسلم: المصدر السابق، (كتاب الأضاحي - باب من ذبح أضحيته قبل الصلاة لم تجزه - ٥/ ٢٩١)، برقم (٢٠١٥)؛ من طريق يحيى بن يحيى، عن خالد بن عبد الله، عن مطرف، عن عامر، عن البراء؛ به.
(٤) ينظر: الشافعي: المصدر السابق، (٦/ ٧٩ - ٨٠). ابن قدامة: المصدر السابق، (١١/ ٣١٩ - ٣٢٠). شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (٢٤/ ٢٢٩).
(٥) ينظر: ابن حزم: المصدر السابق، (١٠/ ٣٠).
(٦) ينظر: الجصاص: المصدر السابق، (٥/ ٢٦٩).

<<  <   >  >>