للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوجه الثالث: إنه علقه بإرادتهما ومشورتهما، ولو كان مقصورًا على الحولين لما كان للإرادة والمشاورة فيه مدخل.

الوجه الرابع: قوله الله تعالى: {وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} [سورة البقرة: ٢٣٣]، فحيث أجاز لهما الاسترضاع بعد الحولين؛ دل على أن الاسم يتناوله. (١)

ونوقش بما يأتي: أ- إن هذه الآية تدل على أن حكم الرضاع مقصور على الحولين؛ لأنه قال: {وَالوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} [سورة البقرة: ٢٣٣]، فأخبر أن الحولين تمامُ الرضاع. (٢)

وأجيب عنه: بأنه قد يجوز إطلاق لفظ التمام عليه, والمراد به: مقاربة التمام, كما قدأطلق في الشريعة أن من وقف بعرفة فقد تم حجه, والمراد به مقاربة التمام؛ لأن عليه بعدُ طوافَ الزيارة, وهو فرض من فروض الحج، وكما قال الله تعالى: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [سورة الطلاق: ٢] , والمعنى: مقاربة البلوغ. (٣)

كما أجيب: بأنه جائز أن يكون تقدير الحولين لما يلزم الأب من نفقة الرضاع أكثر من حولين متى أراد نقله إلى غذاء الطعام, فيكون تقدير الحولين مستعملًا في هذا الوجه, دون ما يتعلق به حكم التحريم من الرضاع. (٤)

٣ - حديث سالم مولى أبي حذيفة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لسهلة بنت سهيل بن عمرو, وهي امرأة أبي حذيفة: "أرضعيه خمس رضعات, ثم يدخل عليك"، وفي رواية: "أرضعي سالماً ليذهب ما في وجه أبي حذيفة من الكراهة" (٥)، بذلك كانت عائشة تأخذ؛ تأمر بنات أخواتها، وبنات إخوتها؛ يرضعن من أحبت عائشة أن يراها، ويدخل عليها، وإن كان كبيرًا خمس رضعات؛ فصح أن عائشة - رضي الله عنها - كان يدخل عليها الكبير إذا أرضعته في حال كبره أخت من أخواتها الرضاع المحرم، ونحن نشهد بشهادة الله عز وجل


(١) ينظر: الجصاص: المصدر السابق، (٥/ ٢٦٤ - ٢٦٥).
(٢) الجصاص: المصدر السابق، (٥/ ٢٦٥).
(٣) ينظر: الجصاص: المصدر السابق، (٥/ ٢٦٥ - ٢٦٦).
(٤) ينظر: الجصاص: المصدر السابق، (٥/ ٢٦٦).
(٥) تقدم تخريجه في الفرع الثاني من المطلب الثالث للمبحث الثاني من مباحث الفصل الأول، وفي المبحث الأول من مباحث الفصل الثالث. ينظر: الجصاص: المصدر السابق، (٥/ ٢٦٨ - ٢٦٩).

<<  <   >  >>