للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- وأما إجماع أهل اللغة، فإنه نقل عنهم أنَّهم قالوا: الكلام ثلاثة أقسام: وحدان (١)، وتثنية، وجمع - كقولنا: رجل ورجلان ورجال. وكذلك قالوا: إن كلمة "من" عامة في ذوات من يعقل، وكلمة "ما" عامة في ذوات ما لا يعقل وصفات من يعقل.

- وأما المعقول، وهو أن الأسماء وضعت أعلامًا على المسميات، لحاجة الناس إلى علم ما في ضمائرهم بدلالات تدل عليها (٢)، ومعنى العموم مقصود عند العقلاء، كمعنى الخصوص، وسائر المعاني من الأمر والنهي والاستخبار والخبر وغير ذلك: يجب أن يكون له صيغة مخصوصة، كما لسائر المعاني.

وإذا ثبت أن صيغة العموم موضوعة له لغة:

فمشايخ العراق قالوا: يجب أن يكون حقيقة له, لأن الحقيقة اللغوية ما وضعها أهل اللغة، ويجب حمل الكلام على الحقيقة حتى يقوم الدليل على المجاز. فمن حملها على الخصوص في الأصل فقد ادعى تغيير الوضع، وهذا باطل. ولأن استعمالها في موضح العموم لما كان حقيقة، فكل من سمع لفظًا عامًا من الكتاب والسنة يعتقد فيه العموم حملا له على الحقيقة، كمن سمع لفظ "الأسد" يحمله على الحيوان المخصوص دون الرجل الشجاع إلا برقينة زائدة. ولو كان المراد بالعموم الخصوص فقد اعتقد خلاف ما أراد الله تعالى. فكان ورود صيغة العام على إرادة الخصوص، من غير قرينة، يدل على (٣) توهم التلبيس على السامع تعالى الله عن ذلك. فكان (٤) هذا (٥) الدليل العقلي، وغيره يدل على أنه لا يجوز


(١) في المعجم الوسيط: الأحد الواحد. وجمعها آحاد وأحدان وأحدون. وليس فيه "وحدان". وانظر فيما يلي الهامش ١ ص ٢٩٦.
(٢) في ب: "عليهما".
(٣) كذا في ب. وفي الأصل: "تدل عليه".
(٤) كذا في ب. وفي الأصل: "وكان".
(٥) "هذا" ليست في ب.