وفي هذا مبالغة في إكرامهم وزيادة في إعلام مكانتهم، ألا ترى أنَّه أكرم جليسهم بنحو ما أكرموا به لأجلهم وإن لم يشفعوا فيه ولا طلبوا له شيئًا وهذه حالة شريفة ومنزلة منيفة لا خيبنا الله منهم وجعلنا من أهلها، وفي رواية أبي صالح عند البخاري (هم الجلساء لا يشقى جليسهم).
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في الدعوات باب فضل ذكر الله تعالى [٦٤٠٨]، وأحمد أيضًا [٢/ ٣٥٨].
ودل الحديث على جواز الذكر الجماعي بشرط أن لا تدخله القيود المبتدعة وبشرط أن يكون خاليًا من الرياء والسمعة والمنكرات الأخرى كحضور النساء مع الرجال، ودل الحديث أيضًا على أن من جالس الذاكرين عامله الله تعالى بلطفه وأثابه معهم وإن لم يكن من قصده الذكر ابتداء، وفيه فضل عظيم لذكر الله تعالى سواء كان بالقلب أو باللسان أو بهما جميعًا.
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الرابع من الترجمة وهو فضل الدعاء باللهم آتنا .. إلخ بحديث أنس رضي الله عنه فقال:
٦٦٧١ - (٢٦٦٩)(١٧) حدثني زهير بن حرب حَدَّثَنَا إسماعيل يعني ابن علية عن عبد العزيز وهو ابن صهيب) البناني البصري (قال) عبد العزيز: (سأل قتادة أنسًا) ابن مالك رضي الله عنه وهذا السند من رباعياته، فقال قتادة في سؤاله أنسًا (أي دعوة كان يدعو بها النبي صلى الله عليه وسلم أكثر) أي أي دعوة كان النبي صلى الله عليه - وسلم دائمًا يدعو بها أكثر من غيرها فكان إما ثانية أو زائدة أو ناقصة تنازعت مع يدعو في لفظ النبي صلى الله عليه وسلم (قال) أنس في جواب سؤال قتادة (كان أكثر دعوة يدعو بها) النبي صلى الله عليه وسلم أن (يقول اللهم) ربنا (آتنا) أي أعطنا (في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا) أي احفظنا وآمنّا (عذاب النار) وإنما كانت أكثر دعوته صلى الله عليه وسلم لما فيها من الجمع بين خيرات الدنيا وخيرات الآخرة.