(قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فيسألهم الله عز وجل وهو) أي والحال أنَّه سبحانه (أعلم بهم) أي بشؤونهم منهم أي يقول لهم: (من أين جئتم). قوله:(فيسألهم) .. إلخ هذا السؤال من الله تعالى للملائكة هو على جهة التنبيه للملائكة على قولهم:{أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ}[البقرة: ٣٠] وإظهار لتحقيق قوله: {إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ}[البقرة: ٣٠]، وهو من نحو مباهاة الله الملائكة بأهل عرفة حين قال لهم: ما أراد هؤلاء؛ انظروا إلى عبادي جاؤوا شعثًا غبرًا، أشهدكم أني قد غفرت لهم. وكذلك نص عليه في الحديث اه مفهم.
(فيقولون) له: (جئنا من عند عباد لك في الأرض يسبحونك ويكبّرونك ويهللونك ويحمدونك ويسألونك) حوائجهم (قال) الله سبحانه للملائكة: (وماذا) أي وأي شيء (يسألوني؟ قالوا: يسألونك جنتك، قال) الله للملائكة: (وهل رأوا جنتي؟ قالوا: لا) أي ما رأوا جنتك (أي رب) أي يا رب (قال) الله عز وجل: (فكيف) سؤالهم الجنّة (لو رأوا جنتي) أي سعتها وزخارفها بل يكون سؤالهم الجنّة أشد من سؤالهم لها بلا رؤية، وهذا يدل على أن للمعاينة زيادة مزية على العلم في التحقيق والوضوح فإن هؤلاء القوم المتذكرين للجنة والنار كانوا عالمين بذلك ومع ذلك فإن الله تعالى قال: فكيف لو رأوها؛ يعني لو رأوها لحصل من اليقين والتحقيق زيادة على ما عندهم، ولحصول هذه الزيادة سأل موسى الرؤية، والخليل مشاهدة إحياء الموتى اه من المفهم (قالوا) أي قالت الملائكة: (ويستجيرونك؟ ) يا رب أي يطلبون منك الإجارة والأمان من النار، وفي المرقاة هو معطوف على ويسألونك الأول وجملة السؤال الثاني وجوابه فيما بينهما معترضة (قال) الله عز وجل: (ومم) أي ومن أي شيء (يستجيرونني) أي يستعيذونني منه (قالوا) أي قالت الملائكة يستعيذونك (من نارك يا رب، قال) الله سبحانه للملائكة (وهل رأوا) أولئك العباد (ناري؟ قالوا: لا) أي ما رأوا نارك يا رب (قال) الله عز وجل: