للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فَإِذَا وَجَدُوا مَجْلِسًا فِيهِ ذِكْرٌ قَعَدُوا مَعَهُمْ. وَحَفَّ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِأَجْنِحَتِهِمْ. حَتَّى يَمْلَؤُوا مَا بَينَهُمْ وَبَيْنَ السَّمَاءِ الدُّنْيَا. فَإِذَا تَفَرَّقُوا عَرَجُوا وَصَعِدُوا إِلَى السَّمَاءِ

ــ

عن مواضع الذكر وحلقاته من التتبع وهو البحث والتفتيش، ورُوي (يبتغون) أي يطلبون مواضع الذكر من الابتغاء وهو الطلب (فإذا وجدوا مجلسًا فيه ذكر) الله تعالى (قعدوا معهم) أي مع الذاكرين، قال الطبري: يعني مجلسًا من مجالس العلم والذكر وهي التي يذكر فيها كلام الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وأخبار السلف الصالح وكلام الأئمة الزهاد المنزهة قلوبهم عن النقائص الرديئة، وهذه المجالس انعدمت اليوم وعوّضت بمجالس الكذب والبدع ومزامير الشيطان نعوذ بالله من حضورها ونسأل العافية من شرورها وفسادها، قال الأبي: وتندرج فيه مجالس رواية الحديث إذا خلصت فيه النية، وفي المبارق قال القاضي عياض: الذكر نوعان: ذكر بالقلب وهو التفكر في جلال الله سبحانه وتعالى وصفاته وآياته في أرضه وسمواته وفي معاني الكتب والأحاديث في اعتباراته وهذا النوع أرفع الأذكار وذكر باللسان وهو المراد من المذكورين في الحديث وليس المراد منه التهليل وما أشبهه فقط بل المراد منه كلام فيه رضاء الله تعالى كتلاوة القرآن ودعاء المؤمنين ومدارسة علوم الدين اه، قال القاضي: اختلفوا هل تكتب الملائكة ذكر القلب فقيل: تكتبه ويجعل الله تعالى لهم علامة يعرفونه بها، وقيل: لا يكتبونه لأنه لا يطلع عليه غير الله تعالى (قلت): الصحيح أنهم يكتبونه وأن ذكر اللسان مع حضور القلب أفضل من القلب وحده والله أعلم اه نووي (وحف بعضهم) أي أحاط بعض الملائكة بالذاكرين حالة كونهم (بعضًا) أي بعضهم وراء بعض أي حفوهم (بأجنحتهم حتَّى يملؤوا ما بينهم) أي ما بين الذاكرين (وبين السماء الدنيا) قال النووي: هكذا هو في كثير من نسخ بلادنا (حف) وفي بعضها: (حض) أي حث بعضهم بعضًا على الحضور والاجتماع حول الذاكرين، وحكى القاضي عن بعض رواتهم (وخط) واختاره القاضي قال: ومعناه أشار إلى بعض بالنزول ويؤيد هذه الرواية قوله بعده في البخاري (هلموا إلى حاجتكم) ويؤيد الرواية الأولى وهي (حف) قوله في البخاري (يحفونهم بأجنحتهم ويحدقون بهم ويستديرون حولهم) اه (فإذا تفرقوا) أي إذا تفرق الذاكرون عن مجالس ذكرهم وذهبوا (عرجوا) أي عرجت الملائكة من الأرض أي طلعوا من العالم السفلي إلى العالم العلوي (وصعدوا إلى السماء) وهذه الجملة تفسير لما قبلها

<<  <  ج: ص:  >  >>