بـ "دار المقامة" الآخرة، لأن الدنيا ليست دار إقامة، ويكون النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أرشد إلى التعوذ من جار السوء في المقابر، لأن الميت يتأذى منه ويتألم مما يصيبه، وهو شاهد لحديث:"ادفنوا موتاكم وسط قوم صالحين، فإن الميت يتأذى بجار السوء كما يتأذى الحي بجار السوء"، كما تقدم ذلك عند ذكر هذا الحديث، ولا يعكر على هذا رواية عبد الرحمن بن إسحاق عن سعيد المقبري عند الحاكم أيضًا في هذا الحديث:"استعيذوا باللَّه من جار المقام، فإن جار المسافر إذا شاء أن يزايل زال"، فإنها رواية بالمعنى وتصوف من الراوي جزمًا، إذ صحابى الحديث واحد وتابعيه واحد، وهو سعيد المقبري، ثم رواه عنه ابن عجلان كما عند البخاري والحاكم في الرواية السابقة، وعبد الرحمن بن إسحاق كما في هذه الرواية، فلا يجوز أن يكون النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نطق به على الوجهين، ولا أبو هريرة حدث به كذلك ولا المقبري، وإنما هو تصرف من الراوي، وإذ ذلك كذلك فاللفظ الصحيح من الروايات هو السالم المعنى الموافق للواقع، وهو ما وقع عند البخاري.