رابعها: أن المصنف عزا الحديث للطبراني والحاكم ثم صححه، والهيثمي إنما قال ذلك في سند الطبراني، ومن عرف الشارح أن الحديث عند الطبراني والحاكم سند واحد وهذا الواقع يكذبه، فإن الحاكم [٣/ ٦٢٢] خرجه من غير الطريق الذي خرجه منه الطبراني كما سأذكره، ثم لو فرضنا أنه عندهما من طريق واحد فلم لا يكون الحاكم قد عرف ما جهله الهيثمي وهو أحفظ من ملء الأرض من الهيثمي؟!، ولم لا يكون تصحيح الحاكم والمؤلف مقدما على قول الهيثمي: فيه من لم أعرفه؟!، فهو ترجيح باطل بالبداهة للسامعين.
وبعد، فالحديث حسنه الحافظ في تخريج أحاديث الأذكار، وقال: أخرجه الدارقطني في الأفراد، وقال: تفرد به مُبَشِّر وهو بضم "الميم" وفتح الموحدة وكسر المعجمة، ذكره ابن حبان في الثقات واسم أبيه أبو المليح عامر وهو من رجال الصحيح، وأما عباد بن سعيد الراوي عنه فلم أر فيه جرحا ولا تعديلا، إلا أن ابن حبان ذكر في الثقات عباد بن سعيد، ولم يذكر ما يتميز به، وأخرج هذا الحديث الحاكم في المستدرك من طريق آخر اهـ.
قلت: فبان من هذا أن طريق الطبراني غير طريق الحاكم، وأن الذي لم يعرفه الهيثمي هو عباد بن سعيد، وأن ابن حبان قد ذكر في الثقات هذا الاسم، إلا أنه لم يذكر ما يميزه، فالغالب أنه هو، وعلى فرض أنه غير معروف، فالاعتماد على طريق الحاكم السالم منه، قال الحاكم [٣/ ٦٢٢]:
أخبرنا الحسن بن محمد الأزهري ثنا إسحاق بن داود الصواف ثنا إبراهيم بن المستمر العروقي ثنا عبد الوهاب بن عيسى الواسطي ثنا يحيى بن أبي زكريا الغساني حدثني مبشر (١) بن أبي المليح بن أسامة عن أبيه عن جده أسامة بن عمير: "أنه صلى مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ركعتي الفجر فصلى قريبًا منه، فصلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ركعتين خفيفتين، فسمعه يقول: اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل
(١) صحفت في المطبوع من المستدرك إلى "ميسرة"، والصواب ما أثبتناه هنا وهو مُبَشِّر بضم الميم وفتح الموحدة وكسر المعجمة.