للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إذا كانوا بظاهر البيداء قال البراء بن معرور - وهو كبير القوم وسيّدهم -:

يا هؤلاء تعلمون أنى قد رأيت رأيا والله ما أدرى توافقوننى عليه أم لا؟ فقالوا: وما هو يا أبا بشر؟ قال: إنى قد أردت أن أصلّى إلى هذه البنيّة ولا أجعلها منى بظهر. فقال له أصحابه: لا والله لا تفعل، والله ما بلغنا أن نبيّنا يصلى (١) إلى الشام. قال: فإنى والله لمصل إليها. فكان إذا حضرت الصلاة توجه إلى الكعبة، وتوجه أصحابه إلى الشام حتى قدموا مكة.

فقال البراء لكعب بن مالك: يا ابن أخى، انطلق بنا إلى رسول الله حتى أسأله عما صنعت فى سفرى هذا؛ فلقد وجدت فى نفسى منه شيئا لخلافكم إيّاى. فخرجوا يسألون عن رسول الله فلقيهم رجل بالأبطح، فقالا: هل تدلنا على محمد بن عبد الله بن عبد المطلب؟ فقال: وهل تعرفانه إن رأيتماه؟ فقالا: لا والله ما نعرفه - ولم يكونا رأيا رسول الله فقال: فهل تعرفان العباس بن عبد المطلب؟ فقالا:

نعم - وقد كانا يعرفانه، كان يختلف إليهم بالتجارة - فقال: إذا دخلتما المسجد فانظرا العباس، فالرجل الذى معه هو. فدخلا المسجد فإذا رسول الله والعباس بناحية المسجد جالسين، فسلّما ثم جلسا.

فقال رسول الله للعباس: هل؟؟؟ عرف هذين الرجلين يا أبا الفضل؟ قال: نعم، هذا البراء بن معرور سيّد قومه، وهذا كعب بن مالك.

قال كعب: فو الله ما أنسى قول رسول الله : الشاعر؟ قال: نعم.

فقال له البراء: يا رسول الله، إنى قد كنت رأيت فى سفرى هذا رأيا، وقد أحببت أن أسألك عنه؛ لتخبرنى عما صنعت فيه. قال: وما ذاك؟


(١) كذا فى الأصول. وفى تاريخ الإسلام ٢٠٣:٢، والسيرة الحلبية ١٧٢:٢ «والله ما بلغنا أن نبينا يصلى إلا إلى الشام.»