المتوفى سنة ٨٠٧ هـ (١٤٠٥ م)؛ وقد سار جرجيس المكين النصرانى المتوفى عام ٦٧٢ هـ (١٢٧٣ م) على نهج يوتيخيوس (انظر فقرة ب ٧) ومع ذلك فإن أهم التواريخ العامة المتأاخرة من جهة علم تدوين التأريخ هي ما كتب في الأندلس والمغرب. وإذا قارنا المؤرخين في المغرب بمعاصريهم في المشرق ألفينا أن تصور أولئك للتأريخ أوسع أفقا ونظرتهم له أقل هوى. ولم يبق من التواريخ العديدة التي صنفها ابن سعيد المغربي المتوفى سنة ٦٧٣ هـ (١٢٧٤ م) سوى أجزاء متفرقة لكنها كافية للدلالة على أنه اعتمد فيها على نسخ كثيرة موثوق بها من عدة مؤلفات قديمة، وكان ابن سعيد هذا رجلا كثير الرحلة لا يكل دؤوبا على البحث لا يعتور عزيمته وهن.
وليس في مقدورنا أن نوفى في هذا المقام الكلام على تأريخ عبد الرحمن بن خلدون المتوفى ٨٠٨ هـ (١٤٠٦ م) الذي ذاع صيته في الخافقين، ولم تُقل بعد الكلمة الأخيرة عن مكانته بين الفلاسفة المؤرخين على الرغم من وفرة ما كتب في هذا الصدد؛ وهناك مسألة ما زالت مستغلقة من وجهة نظر علم تدوين التأريخ عند المسلمين، وهذه المسألة هي أنه لا يوجد ما يدل على أن أحدا من خلفاء ابن خلدون قد درس أو طبق المبادئ التي أذاعها على الرغم من تألق نجم مدرسة المؤرخين المصريين في القرون التالية وانصراف الهمم إلى التأريخ في تركية حيث ترجمت المقدمة في القرن السابع الهجرى الموافق الثاني عشر الميلادي.
٢ - وقد ظهر إلى جانب التواريخ العامة عدد كبير من التواريخ المكتوبة عن الأقاليم أو عن الأسر المالكة أو في التراجم، وجل هذه الهؤلفات كتبها أولئك الذين صنفوا التواريخ العامة؛ وذهبت فتوحات المغول بريح الثقافة العربية في فارس والعراق ولم يبق من آثارها - بعد أن ظهر تاريخ العباسيين المفقود الذي ألفه تاج الدين بن الساعى المتوفى عام ٦٧٤ هـ (١٢٧٥ م) - سوى مصنفات قليلة تنطوى على بعض تواريخ ومختصرات ضئيلة القيمة (انظر ابن الطقطقى)، ومع هذا فإن مركز التأريخ العربي كان قد انتقل قبل ذلك إلى الشام حيث كان قيام دولتى