وهو للهيثم بن عدى المتوفى عام ٢٠٧ هـ (٨٢٢ - ٨٢٣ م). وقد لقى هذا المصنف من التأليف عناية خاصة لدى كتاب مصر.
ثم نذكر أخيرا أن انتشار اللغة العربية بين جماعات النصارى في المشرق قد أدى إلى تأليف كتب عربية في تأريخ الكنائس النصرانية، وهذه الكتب تشتمل أحيانا على تأريخ البوزنطيين والعرب وأشهر من ألف كتبا من هذا القبيل البطريق الملكانى يوتيخيوس والأسقف اليعقوبى أبو البشر (Severus ساويرس) ابن المقفع. وهناك مؤلف عجيب في هذا الميدان ألا وهو تأريخ الديارات النصرانية في مصر وغربى آسية الذي ألفه الكاتب المسلم علي بن محمد الشابشتى المتوفى عام ٣٣٨ هـ (٩٩٨ م).
ج- ويزداد التباعد بين التأريخ العربي والفارسى ابتداء من القرن السادس الهجرى الموافق الثاني عشر الميلادي. وتمت بفتوح المغول الخطوة النهائية في سبيل حلول اللغة الفارسية محل اللغة العربية في ميدان الثقافة الفارسية التركية، وقد انتشرت هذه الثقافة في الوقت نفسه نتيجة للتوسع الإسلامي في جميع هذه الأقاليم.
ومع ذلك فقد زاد الإنتاج في التأريخ العربي، ولم يعد في وسعنا إزاء هذه الكثرة البالغة في المواد إلا أن نعالج التأريخ العربي (١) والفارسى (٢) كلا على حدة.
١ - ولقد اتخذت جل المؤلفات التاريخية في ذلك العهد نفس السبل التي توجهت إليها من قبل، وهي تتميز في الوقت نفسه بجماع من المواد الجديدة، وأبرز هذه التغييرات ما طرأ على العلاقات بين التراجم والأخبار السياسية من جهة وما انتاب مادة التواريخ العامة من جهة أخرى. أما العوامل الكامنة التي أفضت إلى هذا التطور فهي ظهور العالم المؤرخ ثانية إلى جانب المؤرخ الرسمي فيما يختص بالأولى، وانتقال مركز النشاط في التأريخ العربي من العراق إلى الشام ثم إلى مصر فيما يختص بالثانية.
٢ - وأهم ظواهر العهد الجديد في كتابة الحوليات عودة المصنفين إلى التأليف في التأريخ العام الذي يبدأ