للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحاكمة التي كتبت بالفارسية في ذلك العهد، وليس في هذه التواريخ من السمات التي تميزها عن المؤلفات العربية المعاصرة في ولايات المشرق إلا القليل. ويلوح أن كثيرا من الكتاب مثل النسوى كانوا يجارون الظروف فيكتبون حينا بالعربية وحينا آخر بالفارسية. غير أن هناك مثلًا بارزا خرج على المألوف في هذه المصنفات وهو تلك اليوميات الكاملة الخالية من الهوى الحزبى التي ألفها أبو الفضل البيهقي المتوفى عام ٤٧٠ هـ (١٠٧٧ م) وهذا الكتاب نسيج وحده بين ما وصل إلينا من المؤلفات التي ترجع إلى ما قبل العهد المغولى.

وقد نهضت اللغة الفارسية وبدأت تصبح لغة أدب في عهد الأسر التي حكمت فارس في القرن الرابع الهجرى الموافق العاشر الميلادي. ومعظم الفضل راجع إلى حكام الأتراك في القرون التالية، الذين كانوا لا يعرفون اللغة العربية بوجه عام. وقد نقلوا اللغة الفارسية إلى البلاد التي غزوها. وكانت فتوحاتهم تمتد غربا إلى الأناضول وشرقا إلى الهند. وما إن وافى القرن السادس على التمام (القرن الثاني عشر الميلادي) حتى بدأت التواريخ الفارسية تدون في هذه البلاد، فكان في آسية الصغرى محمد بن الراوندى حوالي عام ٦٠٠ هـ (١٢٠٣ م) وفي الهند فخر الدين مبارك شاه المتوفى بعد عام ٦٠٢ هـ (١٢٠٣ م) وهو جد ذلك الفرع الطويل من المؤرخين الهنود الفرس.

٧ - وينبغى لنا قبل أن ننتقل إلى الحقبة التالية أن نشير في إيجاز إلى فرعين آخرين من فروع التأليف المتصل بالتأريخ. فقد استخدمت العلوم الرياضية والفلكية في تأريخ الحوادث.، ونجد شواهد ذلك في عدة مؤلفات قديمة. وخلفت لنا هذه الطريقة أثرًا بارزًا هو كتاب "الآثار الباقية" لأبي الريحان البيرونى المتوفى عام ٤٤٠ هـ (١٠٤٨ م). أما الفرع الآخر فميله إلى الآثار القديمة أظهر من ميله إلى التأريخ بمعناه الدقيق. إذ هو قد اقتصر على الكلام على مساكن القبائل العربية في أوطانها الجديدة. ومن الجلى أن هذا التأليف الموسوم بالخطط قد ظهر في العراق، واهم كتاب في الخطط قد فقد،