للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحوليات الخاصة بهذه البيوت في القرنين الخامس والسادس محل الحوليات القائمة على الرواية، وذلك في ولايات المشرق على الأقل. وكانت هذه الخطوة بالغة الضرر، لأن تعظيم العنصر الشخصى قد زاد من أهمية العوامل الشخصية ولاسيما عندما شرع الحكام أنفسهم يتحكمون في كتابة تواريخ عصرهم ويشرفون عليها. وبذلك أضحى التأريخ عملا يسوده التلفيق، وحل أسلوب رسائل الكتاب القائم على البلاغة والتعقيد محل الأسلوب السهل البسيط. ويظهر أن إبراهيم الصابئ المتوفى عام ٣٨٤ هـ (٩٩٤ م) هو أول من اتبع النهج الجديد في مصنفه المفقود الذي ألفه في تأريخ البويهيين ويعرف بالتاجى. وقد عمم العتبى المتوفى عام ٤٢٧ هـ (١٠٣٥ م) هذا النهج في المصنف المشابه لهذا ألا وهو "اليمينى" في تأريخ سبكتكين ومحمود الغزنوي. ولعل لهذا صلة بنهضة اللغة الفارسية والرواية التاريخية الفارسية (انظر فقرة ١، ٤ أعلاها) في المشرق، بل ربما كان هناك أثر للملحمة الفارسية التي كانت في ذلك الوقت آخذة في الظهور (انظر دقيقى والفردوسى). ولئن أمكن تبرئة مؤلفى التواريخ الرسمية من الخضوع وإخفاء الحقائق؛ فإننا لا ننسى أن التجاءهم للطنطنة وافتقارهم إلى الحكم السليم يترك أثرا سيئا في النفس. ومن سوء الطالع أن ما كان لبعض هذه التواريخ من صيت بعيد في أوساط الأدباء وتوالى صدور مثل هذه التواريخ قد أديا إلى اعتبارها نموذجا. غير أن هذه النظرة لا تنصف تماما ذلك العلم الذي أقامته الأجيال الأولى من علماء المسلمين في صبر وجلد.

٦ - وفي هذه الظروف غير الملائمة شرع في كتابة المصنفات التأريخية من جديد باللغة الفارسية. ومما تجدر ملاحظته أن كثيرا من أقدم ما ظهر من المصنفات كان منقولا من الكتب العربية أو موجزا لها. وأول هذه المصنفات ذلك التلخيص المشوب بالتعسف الذي أعده الوزير أبو على البلعمى عام ٣٥٢ هـ لتأريخ الطبري، وهذا الموجز لا يخلو من زيادات هامة في كثير من الأحيان (انظر الكرديزى) ولم يصل إلينا سوى بعض التواريخ المحلية وتواريخ البيوت