للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿مَا هَذَا إلا سِحْرٌ مُفْتَرًى﴾ أي: مفتعل مصنوع. أرادوا معارضته بالحيلة [١] والجاه فما صعد معهم ذلك وقوله: ﴿وَمَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ﴾، يعنون عبادة الله وحده لا شريك له، يقولون [٢]: ما رأينا أحدًا من آبائنا علي هذا الدين، ولم نر الناس إلا يشركون مع الله آلهة أخرى. فقال موسى مجيبًا لهم: ﴿رَبِّي أَعْلَمُ بِمَنْ جَاءَ بِالْهُدَى مِنْ عِنْدِهِ﴾، يعني: مني ومنكم، وسيفصل بيني وبينكم؛ ولهذا قال: ﴿وَمَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّار﴾، أي: النصرة والظفر والتأييد ﴿إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ﴾ أي: المشركون بالله.

﴿وَقَال فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيرِي فَأَوْقِدْ لِي يَاهَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَه مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ (٣٨) وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَينَا لَا يُرْجَعُونَ (٣٩) فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانْظُرْ كَيفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ (٤٠) وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنْصَرُونَ (٤١) وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ (٤٢)

يخبر تعالى عن كفر فرعون وطغيانه وافترائه في دعوى الإلهية لنفسه القبيحة -لعنه الله- كما قال تعالى: ﴿فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ﴾، [وذلك] [٣] لأنه دعاهم إلي الاعتراف له بالإلهية، فأجابوه إلي ذلك بقلة عقولهم وسخافة أذهانهم، ولهذا قال: ﴿يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيرِي﴾، [وقال] [٤]، تعالى إخبارًا عنه: ﴿فَحَشَرَ فَنَادَى (٢٣) فَقَال أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى (٢٤) فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَال الْآخِرَةِ وَالْأُولَى (٢٥) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ

يَخْشَى﴾. يعني: أنه جمع قومه ونادى فيهم بصوته العالي مُصَرِّحًا لهم بذلك، فأجابوه سامعين مطيعين؛ ولهذا انتقم الله تعالى منه [٥] فجعله عبرة لغيره في الدنيا والآخرة، وحتى إنه واجه موسى الكليم بذلك قال [٦]: ﴿لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ﴾.

وقوله: ﴿فَأَوْقِدْ لِي يَاهَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَه مُوسَى﴾


[١]- في ز، خ: "بالحلية".
[٢]- سقط من: ز، خ.
[٣]- في ت: "ذلك".
[٤]- في ت: "قال".
[٥]- سقط من: ز، خ.
[٦]- في ت: "فقال".