وحزب الله هم الغالبون، كما قال تعالى: ﴿وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ (٧٤) لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ﴾. أي: آلهتهم التي اتخذوها من دون الله لا تملك لهم نصرًا، وهؤلاء الجهلة للأصنام جند محضرون [١] يقاتلون عنهم، ويذبون عن حوزتهم، ولكن العاقبة والنصرة لله ولرسوله في الدنيا والآخرة.
قال مجاهد: ﴿وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا﴾ قال: كظاهر الشيطان على معصية الله: يعينه [٢].
وقال سعيد بن جبير: ﴿وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا﴾ يقول: عونًا للشيطان على ربه بالعداوة والشرك.
وقال زيد بن أسلم: ﴿وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا﴾، قال: مواليا.
ثم قال تعالى لرسوله -صلوات الله وسلامه عليه-: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إلا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا﴾، أي: بشيرا للمؤمنين ونذيرا للكافرين، مبشرًا بالجنة لمن أطاع الله، ونذيرا بين يدي عذاب شديد لمن خالف أمر الله.
﴿قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيهِ مِنْ أَجْرٍ﴾. أي: على هذا البلاغ وهذا الإنذار من أجرة أطلبها من أموالكم، وإنما أفعل ذلك ابتغاء وجه الله، ﴿لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ﴾ ﴿إلا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا﴾. أي: طريقًا ومسلكًا ومنهجًا يقتدي فيها بما جئت به.
ثم قال: ﴿وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ﴾. أي: في أمورك كلها كن متوكلًا على الله الحي الذي لا يموت أبدًا، الذي هو ﴿هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيءٍ عَلِيمٌ﴾ الدائم الباقي السرمدي الأبدي، الحي القيوم رب كل شيء ومليكه، اجعله ذُخْرك [٣] وملجأك، وهو الذي يُتَوكل عليه ويفزع إليه، فإنه كافيك وناصرك ومؤكدك ومظفرك، كما قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ﴾.
و [٤] قال ابن أبي حاتم (١٩): حدثنا أبو زرعة، حدثنا عبد الله بن محمد بن علي بن نفيل قال: قرأت على معقل -يعني: ابن عبيد الله- عن عبد الله بن أبي حسين، عن شهر بن حوشب قال: لقي سلمانُ رسول الله، ﷺ، في بعض فجاج المدينة فسجد له
(١٩) ورواه أبو نعيم في تاريخ أصبهان (٢/ ١٠٣) من طريق محمد بن أحمد بن سيار، عن هشام، عن إسماعيل بن عياش، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين به.