وقوله: ﴿وَجَعَلَ بَينَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا﴾، أي: بين [١] العذب والملح [٢] ﴿بَرْزَخًا﴾ أي: حاجزًا، وهو اليَبَس من الأرض، ﴿وَحِجْرًا مَحْجُورًا﴾، أي: مانعًا أن يصل أحدهما إلى الآخر، كما قال تعالى: ﴿مَرَجَ الْبَحْرَينِ يَلْتَقِيَانِ (١٩) بَينَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ (٢٠) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾، وقال تعالى: ﴿أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَينَ الْبَحْرَينِ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾.
وقوله: ﴿وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا﴾ أي: خلق الإنسان من نطفة ضعيفة، فسواه وعَدّله، وجعله كامل الخلقة، ذكرًا أو أنثى، كما يشاء، ﴿فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا﴾، فهو في ابتداء أمره ولد نسيب، ثم يتزوج فيصير صهرًا، ثم يصير له أصهار وأختان وقرابات. وكل ذلك من ماء مهين؛ ولهذا قال: ﴿وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا﴾.
يخبر تعالى عن جهل المشركين في عبادتهم غيرَ الله من الأصنام، التي لا تملك لهم نفعًا ولا ضرًّا، بلا دليل قادهم إلى ذلك، ولا حجة أدتهم إليه، بل بمجرد الآراء، والتشهي والأهواء [٣]، فهم [يوالون لهم][٤] ويقاتلون في سبيلهم، ويعادون الله ورسوله فيهم، ولهذا قال: ﴿وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا﴾. أي: عونًا في سبيل الشيطان على حزب الله،
(١٨) سبق تخريجه عند تفسير الآية: ٣ من سورة المائدة.