للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المؤمنين، الذين هم أحق الناس به في نفس الأمر، وهذا التركيب في هذه الآية كقوله تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾ أي: ومن صفتهم أنهم تطمئن قلوبهم بذكر الله.

وقوله: ﴿الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ﴾، [أي: يمنعون الناس عن الوصول إلى المسجد الحرام، وقد جعله الله شرعًا سواء، لا فرق فيه بين المقيم فيه والنائي عنه البعيد الدار منه، ﴿سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ﴾ [١] من ذلك استواء الناس في رباع مكة وسكناها، كما قال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عباس في قوله: ﴿سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ﴾، [قال: ينزل أهل مكة وغيرهم في المسجد الحرام.

وقال مجاهد (٥٣): ﴿سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ﴾ [٢]، أهل مكة وغيرهم فيه سواء في المنازل. وكذا قال أبو صالح (٥٤)، وعبد الرحمن بن سابط (٥٥)، وعبد الرحمن بن زيد (٥٦).

وقال عبد الرزاق (٥٧)، عن معمر عن قتادة: سواء فيه أهله وغير أهله.

وهذه المسألة اختلف فيها الشافعي وإسحاق بن راهويه بمسجد الخيف، وأحمد بن حنبل حاضر أيضًا، فذهب الشافعي إلى أن رباع مكة تملك وتورث وتؤجر، واحتج بحديث الزهري، عن عليِّ بن الحسين، عن عمرو بن عثمان، عن أسامة بن زيد؛ قال: قلت: يا رسول الله، أتنزل غدًا في دارك بمكة؟ فقال: "وهل ترك لنا عقيل من رباع؟ " ثم قال: "لا يرث الكافر المسلم، ولا المسلم الكافر". وهذا الحديث مخرج في الصحيحين (٥٨)، وبما ثبت أن عمر بن الخطاب اشترى من صفوان بن أمية دارًا بمكة فجعلها


(٥٣) - أخرجه الطبري في تفسيره (١٧/ ١٣٧) وعزاه السيوطي في الدر (٤/ ٦٣٢) إلى ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن مجاهد بلفظ: "الناس بمكة سواء، ليس أحد أحق بالمنازل من أحد".
(٥٤) - أخرجه الطبري (١٧/ ١٣٧) قال: أهله والمنتاب في المنزل سواءٌ.
(٥٥) - أخرجه الطبري (١٧/ ١٣٧) بلفظ: "ليس أحد أحق بمنزله من أحد إلا أن يكون أحد سبق إلى منزل" وعزاه السيوطي في الدر (٤/ ٦٣٢) إلى ابن أبي شيبة.
(٥٦) - أخرجه الطبري في تفسيره (١٧/ ١٣٧) قال: العاكف فيه: المقيم بمكة، والباد: الذي يأتيه، هم فيه سواء في البيوت.
(٥٧) - أخرجه الطبري في تفسيره (١٧/ ١٣٧) من طريق عبد الرزاق.
(٥٨) - أخرجه البخاري في كتاب المغازي، باب: أين ركز النبي الراية يوم الفتح، الحديث (٤٢٨٢، ٤٢٨٣) (٨/ ١٣ - ١٤) وأخرجه البخاري في كتاب الفرائض، باب: لا يرث المسلم الكافر =