للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لم يدخل الجنَّة، قال الله تعالى: ﴿وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ﴾.

وقوله: ﴿وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ﴾ كقوله تعالى: ﴿وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ﴾ وقوله: ﴿وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (٢٣) سَلَامٌ عَلَيكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ﴾، وقوله: ﴿لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا (٢٥) إلا قِيلًا سَلَامًا﴾ فهدوا إلى المكان الذي يسمعون فيه الكلام الطيب، (﴿وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا﴾، لا كما يهان أهل النار بالكلام الذي يُرَوَّعون به ويقرعون به، يقال لهم: ﴿وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ﴾.

وقوله: ﴿وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ﴾، أي: إلى المكان الذي يحمدون فيه ربهم، على ما أحسن إليهم وأنعم له وأسداه إليهم، كما جاء في الصحيح: "إنّهُم يلهمون التسبيح والتحميد كما يلهمون النفس".

وقد قال بعض المفسرين في قوله: ﴿وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ﴾، أي: القرآن. وقيل: لا إله إلَّا الله. وقيل: الأذكار المشروعة. ﴿وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ﴾، أي: الطَّرِيق المستقيم في الدنيا، وكل هذا لا ينافي ما ذكرناه، والله أعلم.

﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (٢٥)

يقول تعالى منكرًا على الكفار في صدهم المؤمنين عن إتيان المسجد الحرام، وقضاء مناسكهم فيه ودعواهم أنهم أولياؤه ﴿وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ [١] إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إلا الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ وفي هذه الآية دليل أنَّها مدنية، كما قال في سورة البقرة: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ﴾، وقال هاهنا: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ [٢] عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾، أي [٣]: ومن صفتهم مع كفرهم أنهم يصدون عن سبيل الله والمسجد الحرام، أي: ويصدون عن المسجد الحرام من أراده من


[١]- سقط من ز.
[٢]- في خ: "وصدوا".
[٣]- سقط من ز.