للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والنكال، والحريق والأغلال، وما أعد لهم من الثياب من النار - ذكر حال أهل الجنَّة - نسأل الله من فضله وكرمه أن يدخلنا الجنَّة - فقال: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾، أي: تتخَرَّق في أكنافها وأرجائها وجوانبها، وتحت أشجارها وقصورها، يصرفونها حيث شاءوا وأين شاءوا ﴿يُحَلَّوْنَ فِيهَا﴾ في الحلية ﴿مِنْ أَسَاورَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا﴾، أي: في أيديهم، كما قال النبي، ، في الحديث المتفق عليه (٥١): " تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء".

وقال كعب الأحبار: إن في الجنَّة ملكًا لو شئت أن أسميه لسميته، يصوغ لأهل الجنَّة الحلي منذ خلقه الله إلى يوم القيامة، لو أبرز قُلْب منها -أي: سوار منها- لرد شعاع الشمس، كما ترد [١] الشمس نور القمر.

وقوله: ﴿وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ﴾، في مقابلة ثياب أهل النار التي فصلت لهم، لباس هؤلاء من الحرير؛ إستبرقه وسندسه، كما قال: ﴿عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاورَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا (٢١) إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا﴾ وفي الصحيح (٥٢): " لا تلبسوا الحرير ولا الديباج في الدنيا، فإنه من لبسه في الدنيا لم يلبسه في الآخرة" قال عبد الله بن الزبير: ومن [٢] لم يلبس الحرير في الآخرة


(٥١) - الحديث لم أقف عليه في صحيح البخاري لهذا اللفظ، وقد رواه مسلم في صحيحه، كتاب الطهارة، كتاب: تبلغ الحلية حيث يبلغ الوضوء الحديث (٤٠/ ٢٥٠) من حديث أبي حازم، قال: كنت خلف أبي هريرة وهو يتوضأ للصلاة فكان يمد يده حتى تبلغ إبطه، فقلت له: يا أبا هريرة، ما هذا الوضوء؟ فقال: يا بني فروخ، أنتم ها هنا؟ لو علمت أنكم ها هنا ما توضأت هذا الوضوء؛ سمعت خليلي يقول: "تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء" ورواه أيضًا النَّسائي في كتاب الطهارة، باب: حلية الوضوء (١/ ٩٣) وأحمد في المسند (٢/ ٢٣٢، ٣٧١). وأبو عوانة في صحيحه (١/ ٢٤٤). والبيهقي في كتاب الطهارة، كتاب: استحباب إمرار الماء على العضد (١/ ٥٦ - ٥٧). والبغوي في شرح السنة (١/ ٤٢٦) رقم (٢١٩). والحديث رواه البخاري في صحيحه، كتاب اللباس، باب: نقض الصور، الحديث (٥٩٥٣) (١٠/ ٣٨٥) وطرفه في (٧٥٥٩) من حديث أبي زرعة قال: دخلت مع أبي هريرة دارًا بالمدينة فرأى في أعلاها مصورًا يصور؛ قال: سمعت رسول الله يقول: "ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي فليخلقوا حبة وليخلقوا ذرة "ثم دعا بتور من ماء فغسل يديه حتَّى بلغ إبطيه فقلت: يا أبا هريرة، أشيء سمعته من رسول الله ؟ قال: "منتهى الحلية".
(٥٢) - أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب اللباس، باب: لبس الحرير للرجال وقدر ما يحوز منه، الحديث (٥٨٣٢) (١٠/ ٢٨٤)، ومسلم في صحيحه، كتاب اللباس والزينة، باب: تحريم استعمال إناء الذهب والفضة الحديث (٢١/ ٣٠٧٣) (١٤/ ٧٠) من حديث عبد العزيز بن صهيب، عن أَنس، ورواه البخاري في كتاب اللباس، باب: لبس الحرير للرجال، الحديث (٥٨٣٤) (١٠/ ٢٨٤) ومسلم في كتاب اللباس، باب: تحريم استعمال إناء الذهب والفضة، الحديث (١١/ ٢٠٦٩) (١٤/ ٦٠).