للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لم يعط أحد غير هذه الأمة الاسترجاع، ألا تسمعون إلى قول يعقوب : ﴿يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ﴾ أي: ساكت لا يشكو أمره إلى مخلوق. قاله قتادة وغيره.

وقال الضحاك: ﴿فَهُوَ كَظِيمٌ﴾ كميد حزين.

وقال ابن أبي حاتم (٩٥): حدثنا أبي [ثنا أبو سلمة] [١]، حدثنا حماد بن سلمة، عن على بن زيد، عن الحسن، عن الأحنف بن قيس: أن النبي، ، قال: "إن داود، ، قال: يا رب، إن بني إسرائل يسألونك بإبراهيم وإسحاق ويعقوب فاجعلني لهم رابعًا، فأوحى الله تعالى إليه: أن يا داود، إن إبراهيم ألقي في النار بسببي فصبر، وتلك بلية لم تنلك، وإن إسحاق بذل مهجة دمه بسببي فصبر، وتلك بلية لم تنلك، وإن يعقوب أخذت منه حبيبه فابيضت عيناه من الحزن فصبر، وتلك بلية لم تنلك" وهذا مرسل [٢] وفيه نكارة؛ فإن الصحيح أن إسماعيل هو الذبيح، ولكن على بن زيد [٣] بن جدعان له مناكير وغرائب كثيرة، والله أعلم.

وأقرب ما في هذا أن الأحنف بن قيس، ، حكاه عن بعض بني إسرائيل ككعب ووهب ونحوهما والله أعلم، فإن [بني إسرائيل] [٤] ينقلون أن بعقوب كتب إلى يوسف لما احتبس أخاه بسبب السرقة، يتلطف له في رد ابنه، ويذكر له أنهم أهل بيت مصابون بالبلاء، فإبراهيم ابتلي بالنار، وإسحاق بالذبح، ويعقوب بفراق يوسف، في حديث طويل لا يصح والله أعلم، فعند ذلك رق له بنوه، وقالوا له على سبيل الرفق به والشفقة عليه: ﴿تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ﴾ أي: لا تفارق تذكر يوسف ﴿حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا﴾ أي: ضعيف الجسم ضعيف القوّة ﴿أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ﴾ يقولون: إن استمرّ بك هذا الحال خشينا عليك الهلاك والتلف.

﴿قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ﴾ أي: أجابهم عما قالوا بقوله: ﴿إِنَّمَا أَشْكُو


= كما في "الدر المنثور" (١/ ٢٨٦) - ومن طريقه ابن أبي حاتم (٧/ ١١٨١) عن سفيان الثوري به، وأخرجه البيهقي في "الشعب" (٧/ ٩٦٩١) من طريق أبي عامر عن الثوري، به، وسفيان العصفري هو ابن زياد - ويقال ابن دينار - أبو الورقاء، ثقة. والأثر زاد نسبته السيوطي في "الدر المنثور" (١/ ٢٨٦)، (٤/ ٥٧) - إلى ابن المنذر وعبد بن حميد.
(٩٥) - مرسل وفيه نكارة والحديث في التفسير (٧/ ١١٨٨٢)، وقد روي موصولًا من حديث العباس بن عبد المطب لكن إسناده ضعيف جدًّا ويأتي تخريجه (الصافات/ آية ١١٣).