للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تنصرف بخطيئتك في قتلك إياي، وذلك هو معنى قوله: ﴿إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ﴾، [وأمّا معنى] [١] وإثمك [٢] ": فهو إثمه بغير [٣] قتله، وذلك - معصية الله ﷿ في أعمال سواه.

وإنما قلنا ذلك هو الصواب؛ لإِجماع أهل التأويل عليه، وأن الله ﷿ أخبرنا أن كل عامل فجزاء عمله له أو عليه، وإذا كان هذاء حكمه في خلقه، فغير جائز أن تكون آثام المقتول مأخوذًا بها القاتل، وإنما يؤخذ القاتل بإثمه بالقتل المحرّم، وسائر آثام معاصيه التي ارتكبها بنفسه، دون ما ركبه قتيله (٣٣٦).

هذا لفظه، ثم أورد [على هذا] [٤] سؤالًا حاصله: كيف أراد هابيل أن يكون على أخيه قابيل إثم قتله وإثم نفسه، مع أن قتله له محرّم؟ وأجاب بما حاصله: أن هابيل أخبر عن نفسه بأنه لا يقاتل أخاه إن قاتله، بل يكف [عنه يده] [٥]، طالبًا ان وقع كمل أن يكون من أخيه، لا منه.

قلت: وهذا الكلام متضمن موعظة له لو اتعظ، وزجرًا له لو انزجر، ولهذا قال: ﴿إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ﴾ [أي: تتحمل إثمي وإثمك] [٦] ﴿فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ﴾.

و [٧] قال ابن عباس: خوّفه بالنار [٨] فلم ينته ولم ينزجر.

وقوله تعالى: ﴿فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ (٣٠)﴾ أي: فحسَّنت وسوَّلت له نفسه، وشجعته على قتل أخيه فقتله، أي: بعد هذه الموعظة [٩] وهذا الزجر.

و [١٠] قد تقدم في الرواية عن أبي جعفر الباقر - وهو محمد بن علي بن الحسين - أنه قتله بحديدة في يده (٣٣٧).


(٣٣٦) - تفسير ابن جرير (١٠/ ٢١٧).
(٣٣٧) - تقدم رقم (٣٣٠).