للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولفظ البخاري عند تفسير هذه الآية (٩٣)، من طريق سفيان الثَّوري، عن قيس، عن طارق قال: قالت اليهود لعمر: إنكم تقرءون آية، لو نزل ت فينا لاتخذناها عيدًا. فقال عمر: إني لأعلم حين أنزلت، وأين أنزلت [١]، وأين رسول الله حيث أنزلت - يوم عرفة، وأنا والله بعرفة. قال سفيان: وأشك - كان - يوم الجمعة أم لا. ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾ الآية.

وشك سفيان ، إن كان في الرواية فهو تورّع، حيث شك هل أخبره شيخه بذلك أم لا؟ وإِن كان شكًّا في كون الوقوف في حجة الوداع كان يوم جمعة؛ فهذا ما إخاله يصدر عن الثَّوري ، فإن هذا أمر معلوم مقطوع به، لم يختلف فيه أحد من أصحاب المغازي والسير، ولا من الفقهَاء، وقد وردت في ذلك أحاديث متواترة، لا يشك في صحتها، والله أعلم. وقد روي هذا الحديث [٢] من غير وجه عن عمر (٩٤).

وقال ابن جرير (٩٥): حدثني يعقوب بن إبراهيم، حدَّثنا ابن علية، أخبرنا رجاء بن أبي سلمة، أخبرنا عبادة بن نسي، أخبرنا أميرنا إسحاق - قال أَبو جعفر بن جرير: هو إسحاق ابن خَرَشة [٣]- عن قبيصة - يعني: ابن ذؤيب [٤]- قال: قال كعب: لو أن غير هذه


(٩٣) - رواه البخارى فى التفسير، باب قوله: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾ الحديث (٤٦٠٦)، وانظر الحديث السابق.
(٩٤) - تابع سفيانَ على هذا الحديث جمعٌ من الحفاظ منهم إدريس بن يزيد والد عبد الله بن إدريس، وأَبو العميس عتبة بن عبد الله بن عتبة، وهما ثقتان روايتهما فى الصحيحين وغيرهما.
(٩٥) - أخرجه ابن جرير الطَّبري (٩/ ٥٢٦) (١١١٠٠)، ورجاء بن أبي سلمة: اسمه مهران، قال ابن حجر فى "التقريب": ثقة فاضل. وعبادة بن نسى أيضًا ثقة فاضل، حديثه عند أصحاب السنن الأربعة. وإسحاق شيخ عبادة رجح الإِمام أبو جعفر الطَّبري أنَّه إسحاق بن خرشة، وتعقبه الشيخ محمود محمد شاكر وبين أنَّه إسحاق بن قبيصة بن ذؤيب (انظر التعليق على تفسير الطبرى) وإسحاق بن قبيصة هذا صدوق له ترجمة فى التهذيب. والحديث إسناده حسن. وقد رواه الطبراني فى الأوسط (٨٣٠) من طريق زيد بن الحباب قال: أخبرنى رجاء بن أبي سلمة أَبو المقدام … فدكره، وقال فى إسناده: "إسحاق بن قبيصة بن ذؤيب عن كعب الأحبار" وإسحاق بن قبيصة يروى عن أبيه وعن كعب الأحبار؛ فالرواية متصلة فى كلتا الحالتين؛ لاحتمال أن يكون سمعه منهما جميعًا فحدث به مرة عن هذا ومرة عن هذا، والله أعلم. والحديث ذكره الحافظ ابن حجر فى فتح البارى (١/ ١٠٥) وعزاه إلى مسدد فى مسنده، والطبرى فى تفسيره، والطبرانى فى الأوسط؛ كلهم من طريق رجاء =