الْفَائِدَة الأُولَى: شِدَّة عِناية اللَّه عَزَّ وَجَلَّ بنِساء المُؤمِنين، فإن عَلاقة الآية هذه بالتي قَبْلها ظاهِرة، فإن المُنافِقين والذين في قُلوبهم مرَضٌ هم أكثَرُ الناس تَعرُّضًا لأَذِيَّة المُؤمِنات؛ ولهذا أَعقَب الآية السابِقة بهذه الآيةِ، ففيه كَمال عِناية اللَّه تعالى بنِساء المُؤمِنين.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: الوعيد الشديد لهؤلاءِ المُتَّصِفين بهذه الصِّفاتِ الثلاث الذَّميمة: (النِّفاق، ومرَض القَلْب، والإِرْجاف).
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: أنه إذا ظهَر نِفاق المُنافِق وتَبيَّن عَدَاؤُه، فإنه يَجوز أن يُعامَل بما يَقتَضيه نِفاقه؛ لقوله تعالى:{لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ}، {لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ}، وسبَقَ لنا البَحث: هل هؤلاء المُنافِقون والذين في قُلوبهم مرَض والمُرجِفون انتَهَوْا عن أعمالهم أم لا؟ وقُلنا: إن في ذلك رأَيَيْن لأهل العِلْم رَحِمَهُم اللَّهُ وأن الأَقرَب من هذين الرَّأْيَيْن أنهم انتَهَوْا عن ذلك؛ لأنَّا لم نَرَ أن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ سلَّط رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم- عليهم وأَغراه بهم، وهذا أَقرَبُ بكثير من القَوْل بأن اللَّه تعالى لم يُغْرِهِ من باب إِخْلاف الوَعيد.
الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: التَّحذير من النِّفاق ومرَض القَلْب والإِرْجاف؛ لأن اللَّه تعالى تَوعَّد هؤلاءِ إذا لم يَنتَهوا بأن يُسلِّط اللَّه تعالى رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم- عليهم ويُغريَه بهم، وقُبْحُ هذه الصِّفاتِ مَعلوم، أمَّا النِّفاق فظاهِر، فإنه من أَرذَل الأَخْلاق؛ لأن من الصِّفات التي يَرتَكِبها المُنافِق أنه إذا وعَدَ أَخْلَف، وإذا حدَّث كذَب، وإذا عاهَدَ غدَرَ، وإذا اؤْتُمِن خان، وهذه من أَرذَلِ الصِّفات الاجتِماعية.
وأمَّا الذين في قُلوبهم مرَض فإن مرَض القَلْب أشدُّ من مرَض البدَن، لأن مرَض البَدَن يُوجِب الأَلَم الحِسِّيَّ الذي قد يَتَحمَّله الإنسان، وأمَّا مرَض القَلْب