-والعِياذُ باللَّه- فإنه يُوجِب القلَق النَّفسِيَّ وضَياع الحَياة كلها والموت المَعنَوي، واسمَعْ إلى قول اللَّه تعالى:{وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا}[الكهف: ٢٨]، وما أكثَرَ الأوقاتَ التي تَضيع على مَن غفَل عن ذِكْر اللَّه تعالى، تَضيع بلا فائِدةٍ! وأنت إذا رأَيْت من نَفْسك أن أَوْقاتَك ضائِعة بلا فائِدةٍ، فيَجِب عليك أن تُلاحِظ قَلْبك، فإن هذا لا يَكون إلَّا من غَفْلة القَلْب عن ذِكْر اللَّه تعالى، ولو نظَرْت فيما سبَق من التاريخ كيف أَنتَجَ العُلَماء رَحِمَهُم اللَّهُ ما أَنْتَجوا من المُؤلَّفات، ومن فطاحِل العُلَماء الذين تَخرَّجوا على أيديهم في أوقات قد تَكون أقَلَّ من الوقت الذي عِشْتَه أنت، وذلك بسبَب ما ملَأَ اللَّه تعالى به قلوبَهم مِن ذِكْره حتى صارت أعمارهم لا يَضيع منها لَحْظة واحِدة، فعَلَيْك أن تَنتَبِه لمَرَض القَلْب، وأن تُبادِر بمُداواته؛ لأنه إذا تَفَشَّى المرَض في القَلْب -نَسأَل اللَّهَ تعالى العافِيةَ- قد يَموت ويُطبَع عليه، فلا يُحِقُّ حقًّا ولا يُبطِل باطِلًا.
وأمَّا الإِرْجاف وتَخويف الناس المُؤمِنين وإلقاء الذُّعْر في قُلوبهم، فهذا أيضًا من الأخلاق الذَّميمة؛ لأن الواجِب على المَرْء -على الأقَلِّ- أن يَكون مَوقِفُه مَوقِف المُحايِد، أمَّا أن يَذهَب ويُرجِف بالمُؤمِنين ويَقول: عَدوُّكم أكثَرُ منكم، ولا يُمكِن أن تَغلِبوه، وعَدوُّكم فعَل وفعَل وفعَل! ! فإنَّ هذا من علامات النِّفاق.
فإن قال قائِل: ما حُكْم ذِكْر مخُتَرَعات الغَرْب والتَّخويف منها؛ كالمُتفجِّرات والقَنابِل والرُّؤُوس النَّوَوية؟
فالجَوابُ: أنه إن ذُكِر على سبيل التَّخويف والتَّعظيم فهو حرام، فإنه إذا ذُكِر على سَبيل تَعظيم هؤلاء الكُفَّارِ وتَرفيع شأنهم هذا حَرام؛ لأن كلَّ شيء يُوجِب أن نُعظِّم الكافِرين وأن يَكون لهم في قُلُوبنا مَنزِلة فهذا حرام؛ لأننا مَأْمورون تُجاه الكُفَّار