عبد اللَّه أو في غيرِهما، المُهِمُّ أنَّ حال المُؤمِن تمَنَعه من مخُالَفة أَمْر اللَّه تعالى ورسوله -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأمَّا ما ذكَره المُفَسِّر فهو يَقول:[إنَّ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- خطَبَ زَينبَ بِنتَ جَحْشٍ]، وقد خُطِبَت -كما ذكَرَه غيرُه- من قِبَل رِجال شُرَفاءَ وذَوِي جاهٍ، فخَطَبها النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فظَنُّوا أنه خطَبَها لنَفْسِه، ثُم بعد ذلك بيَّن لهم أنه خطَبها لزَيدِ بنِ حارِثةَ مَولى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وكان- حَسب ما ذَكَر أهلُ السِّيَر- عَبْدًا لخَديجةَ -رضي اللَّه عنها-، فوهَبَتْه للنبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأَعتَقَه (١)، فلمَّا عَلِمَا أنه خطَبها لزيدٍ -رضي اللَّه عنه- امتَنَعا، فلمَّا نزَلَتِ الآية رَضِيَا بذلك، وهذا ليس بغريب على الصحابة، لو صحَّ الحديثُ، ليس بغريب أن يُقدِّموا أمر اللَّه تعالى ورسوله -صلى اللَّه عليه وسلم- على ما تَهواهُ أَنفُسُهم.
قوله تعالى:{وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ}: {وَمَنْ} شَرْطية، وعُلِم أنها شَرْطِية من فِعْل الشَرْط؛ لأنه مَجزوم {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ}، لكنه مَجزوم بحَذْف حَرْف العِلَّة.
وقوله تعالى:{يَعْصِ اللَّهَ}؛ المَعصية: مخُالَفة الأَمْر، أو إِنْ شِئْت فقُلِ: المَعصية خِلافُ الطاعة، سواءٌ كانت وقوعًا في مَنهيٍّ عنه، أو تَرْكًا لمأمورٍ به، لكن إذا قيل: طاعة ومَعصية، صارَتِ الطاعة فِعلَ المأمور، والمَعصيةُ فِعْل المَحظور، أمَّا إذا قِيل:(مَعصِيَة) وحدَها، أو (طاعة) وحدَها، فإنَّها تَشمَل الأَمْرَين.
قال تعالى:{وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} سواءٌ عصاهما جَميعًا، يَعنِي: أَمْر من اللَّه تعالى، وأَمْر من رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقَعَتْ فيه المَعصِية، أو عصَى اللَّهَ تعالى وحدَه، أو عصَى الرسولَ -صلى اللَّه عليه وسلم- وحدَه، فإنه قد ضَلَّ ضَلالًا مُبينًا.