الإِرادة هذه شَرْعية؛ والدليل أنَّ اللَّه تعالى قد يُعسِر على الإنسان فلو كانت الإرادة كونية لكان في الواقِع تكذيب للآية، إِذَنْ: يُريد هنا بمَعنِى: محبُّ، محبُّ اللَّه تعالى بكُمُ اليُسْر، ولا يُحِبُّ العُسْر، وأمَّا كونًا فإن اللَّه تعالى يُريد بنا العُسْر قال اللَّه تعالى: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (٥) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} [الشرح: ٥ - ٦].
قال اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى عن نوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ:{وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ}[هود: ٣٤] أي: {إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ} هذه إرادة كونية، لأن اللَّه تعالى لا يُريد من خَلْقه الإغواءَ، والدليل أنه لا يُريد الإِغْواء قوله تعالى:{يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا}[النساء: ١٧٦]، وقوله تعالى:{يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ}[النساء: ٢٦].
قال اللَّه تعالى:{إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ}: {لِيُذْهِبَ} اللَّام هنا جاءت فِى مَفعول (يُريد)، والمعروف أن (يُريد) تَتَعدَّى بنَفْسها فتَقول: أَرَدْت كذا. ولا تَقول: أرَدْت لكذا.
إذَنِ: فاللَّام هنا زائِدة من حيث المَعنى، يَعنِي: من حيث الإعراب زائِدة، والتَّقدير: إنما يُريد اللَّه أن يُذهِب عنكم الرجْس، فاللَّام يَقول النَّحويون: إنها زائِدة.
وقوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:{إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ}، يَقول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ:[الإِثْم]، والصوابُ أنَ الرجْس هو النَّجاسة لأنَّ الرِّجْس فى الأصل النَّجَس، سَواءٌ كان نَجاسهَ مَعنَوية أو نَجاسة حِسِّية.