للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن عمرو بن العاص أنه قال: لا تلبِّسوا علينا سنة نبينا، عدة أُم الولد إذا توفي عنها سيدها أربعة أشهر وعشر (١).

ورواه أبو داود عن قتيبة (٢)، عن غُندُر، وعن ابن المثنى، عن عبد الأعلى، وابن ماجه عن علي بن محمد، عن وكيع، ثلاثتهم عن سعيد بن أبي عروبة، عن مطر الوراق، عن رجاء بن حيوة، عن قبيصة، عن عمرو بن العاص … فذكره (٣). وقد روي عن الإمام أحمد أنه أنكر هذا الحديث، وقيل: إن قبيصة لم يسمع عَمرًا، وقد ذهب إلى القول بهذا الحديث طائفة من السلف، منهم سعيد بن المسيب ومجاهد وسعيد بن جبير، والحسن وابن سيرين وأبو عياض والزهري وعمر بن عبد العزيز، وبه كان يأمر يزيد بن عبد الملك بن مروان، وهو أمير المؤمنين، وبه يقول الأوزاعي وإسحاق بن راهويه وأحمد بن حنبل في رواية عنه.

وقال طاوس وقتادة: عدة أُم الولد إذا توفي عنها سيدها نصف عدة الحرة شهران وخمس ليال.

وقال أبو حنيفة وأصحابه، والثوري والحسن بن صالح بن حي: تعتد بثلاث حيض، وهو قول علي وابن مسعود وعطاء وإبراهيم النخعي.

وقال مالك والشافعي وأحمد في المشهور عنه: عدتها حيضة، وبه يقول ابن عمر والشعبي ومكحول والليث وأبو عبيد وأبو ثور والجمهور.

وقال الليث: ولو مات وهي حائض، أجزأتها.

وقال مالك: فلو كانت ممن لا تحيض، فثلاثة أشهر.

وقال الشافعي والجمهور: شهر وثلاثة أحب إليّ، والله أعلم.

وقوله: ﴿فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِير﴾ يستفاد من هذا وجوب الإحداد على المتوفى عنها زوجها مدة عدتها لما ثبت في الصحيحين عن غير وجه [عن أُم حبيبة وزينب بنت جحش أم المؤمنين] (٤) أن رسول الله قال: "لا يحلّ لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث، إلا على زوج أربعة أشهر وعشرًا" (٥)، وفي الصحيحين أيضًا عن أُم سلمة أن امرأة قالت: يا رسول الله، إني ابنتي توفي عنها زوجها وقد اشتكت عينها أفنكحلها؟ فقال: "لا" كل ذلك يقول: "لا" مرتين أو ثلاثًا، ثم قال: "إنما هي أربعة أشهر وعشر، وقد كانت إحداكم في الجاهلية تمكث سنة" قالت زينب بنت


(١) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٤/ ٢٠٣) وقد حكم عليه الحافظ ابن كثير والصحيح وقفه قال البيهقي: الموقوف أصح (السنن الكبرى ٧/ ٤٤٧).
(٢) في الأصل: "حذيفة" والتصويب من (عف) و (حم) والتخريج.
(٣) سنن أبي داود، الطلاق، باب في عدة أم الولد (ح ٢٣٠٨)، وسنن ابن ماجه، الطلاق، باب عدة أم الولد (ح ٢٠٨٣).
(٤) ما بين معقوفين سقط من الأصل واستدرك من (عف) و (حم) والتخريج.
(٥) صحيح البخاري، الطلاق، باب عدة المتوفى عنها أربعة أشهر وعشرًا (ح ٥٣٣٤ - ٥٣٣٧)، وصحيح مسلم، الطلاق، باب انقضاء عدة المتوفى عنها زواجها (ح ١٤٨٦ و ١٤٨٨).