للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عسيلته ويذوق عسيلتك" (١) تفرد به من هذين الوجهين.

(طريق أخرى) قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الأعلى، عن معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، قالت: دخلت امرأة رفاعة القرظي وأنا وأبو بكر عند النبي ، فقالت: إن رفاعة طلقني ألبتة، وإن عبد الرحمن بن الزبير تزوجني، وإنما عنده مثل الهدبة، وأخذت هدبة من جلبابها، وخالد بن سعيد بن العاص بالباب لم يؤذن له، فقال: يا أبا بكر، ألا تنهى هذه عما تجهر به بين يديّ رسول الله ، فما زاد رسول الله على التبسم، فقال رسول الله : "كأنك تريدين أن ترجعي إلى رفاعة، لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك" (٢)، وهكذا رواه البخاري من حديث عبد الله بن المبارك ومسلم من حديث عبد الرزاق والنسائي من حديث يزيد بن زريع، ثلاثتهم عن معمر به، وفي حديث عبد الرزاق عند مسلم، أن رفاعة طلقها آخر ثلاث تطليقات (٣) وقد رواه الجماعة إلا أبو داود من طريق سفيان بن عيينة والبخاري من طريق عقيل ومسلم من طريق يونس بن يزيد [وعنده آخر ثلاث تطليقات، والنسائي من طريق أيوب بن موسى، ورواه صالح بن أبي الأخضر] (٤) كلهم عن الزهري، عن عروة، عن عائشة به (٥). وقال مالك: عن المسور بن رفاعة القرظي، عن الزبير بن عبد الرحمن بن الزبير: أن رفاعة بن سموال طلق امرأته تميمة بنت وهب في عهد رسول الله ثلاثًا، فنكحت عبد الرحمن بن الزبير: فاعترض عنها فلم يستطع أن يمسها ففارقها، فأراد رفاعة بن سموال أن ينكحها، وهو زوجها الأول الذي كان طلقها فذكر ذلك لرسول الله فنهاه عن تزويجها، وقال: "لا تحلّ لك حتى تذوق العسيلة" هكذا رواه أصحاب الموطآت عن مالك (٦)، وفيه انقطاع، وقد رواه إبراهيم بن طهمان وعبد الله بن وهب عن مالك، عن رفاعة، عن الزبير بن عبد الرحمن بن الزبير، عن أبيه فوصله.

(فصل) والمقصود من الزوج الثاني أن يكون راغبًا في المرأة، قاصدًا لدوام عشرتها، كما هو المشروع من التزويج، واشترط الإمام مالك مع ذلك، أن يطأها الثاني وطأً مباحًا، فلو وطئها وهي محرمة أو صائمة أو معتكفة أو حائض أو نفساء أو الزوج صائم أو محرم أو معتكف لم تحل للأول بهذا الوطء، وكذا لو كان الزوج الثاني ذميًا لم تحل للمسلم بنكاحه، لأن أنكحة الكفار باطلة عنده، واشترط الحسن البصري فيما حكاه عنه الشيخ أبو عمر بن عبد البر أن ينزل الزوج الثاني، وكأنه تمسك بما فهمه من قوله : "حتى تذوقي عسيلته


(١) صحيح البخاري، الطلاق، باب إذا طلقها ثلاثًا (ح ٥٣١٧).
(٢) المسند ٦/ ٣٤ وسنده صحيح.
(٣) صحيح البخاري، الأدب، باب التبسم والضحك (ح ٦٠٨٤)، وصحيح مسلم، النكاح، باب لا تحل المطلقة ثلاثًا لمطلقها حتى تنكح زوجًا غيره بعد (ح ١٤٣٣) برقم (١١٣)، وسنن النسائي، الطلاق، باب إحلال المطلقة ثلاثًا ٦/ ١٤٦.
(٤) ما بين معقوفين سقط من الأصل واستدرك من (عف) و (ح) والتخريج.
(٥) صحيح البخاري، الأدب (ح ٦٠٨٤)، وصحيح مسلم الموضع السابق برقم (١١٢)، وسنن النسائي الموضع السابق، وسنن ابن ماجه الطلاق، باب الرجل يطلق امرأته ثلاثًا فتتزوج (ح ١٩٣٣)، وسنن الترمذي، النكاح (ح ١١١٨).
(٦) الموطأ، النكاح، باب نكاح المحلل (ح ١٧) ويشهد له ما سبق.