للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تكون له المرأة فيطلقها ثم يتزوجها رجل فيطلقها قبل أن يدخل بها، فترجع إلى زوجها الأول، فقال رسول الله : "حتى تذوق العسيلة" (١)، وهكذا رواه النسائي عن عمرو بن علي الفلاس وابن ماجه، عن محمد بن بشار بندار، كلاهما عن محمد بن جعفر غُندُر، عن شعبة به (٢)، كذلك فهذا من رواية سعيد بن المسيب عن ابن عمرو مرفوعًا على خلاف ما يحكى عنه، فبعيد أن يخالف ما رواه بغير مستند، والله أعلم. وقد روى أحمد أيضًا والنسائي وابن جرير (٣) هذا الحديث من طريق سفيان الثوري عن علقمة بن مرثد، عن رزين بن سليمان الأحمدي، عن ابن عمر، قال: سئل النبي عن الرجل يطلق امرأته ثلاثًا، فيتزوجها آخر، فيغلق الباب، ويرخي الستر، ثم يطلقها قبل أن يدخل بها، هل تحل للأول؟ قال: "لا، حتى تذوق العسيلة"، وهذا لفظ أحمد (٤)، وفي رواية لأحمد سليمان بن رزين (٥).

(حديث آخر) قال الإمام أحمد: حدثنا عفان، حدثنا محمد بن دينار، حدثنا يحيى بن يزيد الهنائي عن أنس بن مالك، أن رسول الله سئل عن رجل كانت تحته امرأة فطلقها ثلاثًا، فتزوجت بعده رجلًا فطلقها قبل أن يدخل بها، أتحل لزوجها الأول؟ فقال رسول الله : "لا، حتى يكون الآخر قد ذاق من عسيلتها وذاقت من عسيلته" (٦). وهكذا رواه ابن جرير عن محمد بن إبراهيم الأنماطي، عن هشام بن عبد الملك، حدثنا محمد بن دينار … فذكره.

(قلت): ومحمد بن دينار بن صندل أبو بكر الأزدي ثم الطاحي البصري ويقال له: ابن أبي الفرات، اختلفوا فيه، فمنهم من ضعفه، ومنهم من قواه وقبله وحسن له، وذكر أبو داود أنه تغير قبل موته (٧)، فالله أعلم.

(حديث آخر) قال ابن جرير: حدثنا عبيد بن آدم بن أبي إياس العسقلاني، حدثنا أبي، حدثنا شيبان، حدثنا يحيى بن أبي كثير، عن أبي الحارث الغفاري، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله ، في المرأة يطلقها زوجها ثلاثًا، فتتزوج غيره فيطلقها قبل أن يدخل بها، فيريد الأول أن يراجعها (٨). قال: "لا، حتى يذوق الآخر عسيلتها" ثم رواه من وجه آخر عن شيبان وهو ابن عبد الرحمن به (٩)، وأبو الحارث غير معروف.

(حديث آخر) قال ابن جرير: حدثنا ابن مثنى، حدثنا يحيى بن عبيد الله، حدثنا القاسم، عن


(١) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (العلل ص ٢٥٨) وفي سنده سالم بن رزين كسابقه.
(٢) سنن النسائي، الطلاق، باب إحلال المطلقة ثلاثًا ٦/ ١٤٨، وسنن ابن ماجه، النكاح، باب الرجل يطلق امرأته ثلاثًا فتتزوج (ح ١٩٣٣). وحكمه كسابقه.
(٣) في الأصل: "ابن ماجه" والتصويب من (عف) و (ح) والتخريج.
(٤) أخرجه الإمام أحمد في المسند (ح ٤٧٧٧) وكذا الطبري والنسائي (المصدر السابق) وحكمه كسابقه.
(٥) المسند (ح ٥٢٧٨). وسليمان بن رزين هو نفسه رزين بن سليمان، ويقال أيضًا: سالم بن رزين. انظر التقريب ٢٠٩.
(٦) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ح ١٤٠٦٩).
(٧) ويشهد له حديث عائشة الذي سيأتي وهو في الصحيحين.
(٨) في الأصل: "يرجعها" والتصويب من (عف) و (ح) والتخريج.
(٩) أخرجه الطبري بسنده ومتنه ويشهد له حديث عائشة التالي.