للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولهذا غضب الله لجبريل على من عاداه، فقال (تعالى) (١): ﴿مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ﴾ أي: من الكتب المتقدمة ﴿وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ أي: هدًى لقلوبهم، وبشرى لهم بالجنة؛ وليس ذلك إلا للمؤمنين.

كما قال تعالى: ﴿قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ﴾ [فصلت: ٤٤].

وقال تعالى: ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا (٨٢)[الإسراء].

ثم قال تعالى: ﴿مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ (٩٨)﴾ يقول تعالى: من عاداني وملائكتي ورسلي. ورسله تشمل رسله من الملائكة والبشر، كما قال تعالى: ﴿اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ﴾ [الحج: ٧٥].

(وجبريل وميكال): وهذا من باب عطف الخاص على العام، فإنهما دخلا في الملائكة ثم في عموم الرسل، ثم خصصنا بالذكر؛ لأن السياق في الانتصار لجبريل، وهو السفير بين الله وأنبيائه، وقرن معه ميكائيل في اللفظ؛ لأن اليهود زعموا أن جبريل عدوهم، وميكائيل وليهم، فأعلمهم (الله تعالى) (٢) أن من عادى واحدًا منهما فقد عادى الآخر، وعادى الله أيضًا؛ لأنه أيضًا ينزل على (الأنبياء) (٣) بعض الأحيان كما قرن برسول الله في ابتداء الأمر، ولكن جبريل أكثر وهي وظيفته، وميكائيل موكل بالقطر والنبات وهذاك بالهدى وهذا بالرزق، كما أن إسرافيل (موكل بالصور للنفخ) (٤) للبعث (يوم) (٥) القيامة.

ولهذا جاء في "الصحيح" (٦) أن رسول الله كان إذا قام من الليل يقول: "اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم".

وقد تقدم ما حكاه البخاري، ورواه ابن جرير، عن عكرمة (وغيره) (٧) أنه قال: "جبر"، و"ميك"، و"إسراف": عبد، و"إيل": الله.

وقال ابن أبي حاتم (٨): حدثنا أحمد بن سنان، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان، عن الأعمش، عن إسماعيل بن رجاء، عن عمير مولى ابن عباس، عن ابن عباس؛ قال: إنما


(١) من (ن).
(٢) من (ن) و (ل)؛ وفي (ج) و (ى): "فأعلمهم تعالى"؛ وفي (ز) و (ض) و (ك): "فأعلمهم".
(٣) في (ن): "أنبياء الله".
(٤) في (ن): "موكل للنفخ في الصور".
(٥) كذا في (ز) و (ك) و (ل) و (ن)؛ وفي (ج) و (ض) و (ى): "ليوم".
(٦) يعني: "صحيح مسلم"، وقد أخرجه هو (٧٧٠/ ٢٠٠).
(٧) من (ن).
(٨) في "تفسيره" (٩٧٠)؛ وأخرجه أيضًا (٩٦٩) قال: حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح، ثنا أبو معاوية، ثنا الأعمش بإسناده مثله. وسنده قوي.